حزناً مع الدهر لا يبلى ويبلينا
نفرُّ من نكد الدنيا فيدركنا ... يخني على صفونا حيناً ويتركنا
بالوصل والفصل يحيينا ويهلكنا ... إن الزمان الذي مازال يضحكنا
أنساً بقربهم قد عاد يبكينا
كم مرة جاءنا حسادنا ونعوا ... لنا الوفاء وفي قطع الصلات سعوا
وإذ تبين أن العاشقين رعوا ... غيظ العدى من تساقينا الهوى فدعوا
بأن نغص فقال الدهر آمينا
دعوا لدى الدهر في تنكيس أرؤسنا ... وحرَّضوه على تفريق مجلسنا
حتى تصدى إلى تكدير أكؤسنا ... فانحل ما كان معقوداً بأنفسنا
وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا
ما كان يهجعنا أضحى يؤرقنا ... والمزدري صار بالإزراء يرمقنا
فالدهر يومان مروينا ومحرقنا ... وقد نكون وما يخشى تفرقنا
فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا
كل الورى لم نجد فيهم شمائلكم ... وهب وجدنا فما كنا لنبدلكم
إنا وإن أقصت الأيام منزلكم ... لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم
رأياً ولم نتقلد غيره دينا
لو أن أيامنا فيكم تخيرنا ... لاختار قرَّتهُ بالقرب نيرنا
لكنما حادث الدنيا يسيرنا ... لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا
إن طال ما غير النأيُ المحبينا
طنَّ الوشاة إذا ما شملنا انفصلا ... أن يدركوا من تراخي حبنا أملا
خابوا فلو أدركت أجسادنا الأجلا ... والله ما طلبت أرواحنا بدلا
منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
قصر سهرنا على أنوار كوكبه ... وفيه ورد الهوى فزنا بأعذبه
دعنا على الوجد نقلى في تلهبه ... يا ساري البرق غادِ القصرَ فاهق به
من كان صرف الهوى والود يسقينا