[علو الهمة]
أبى الله أن يسوم إلى قنن المجد ... ويعطى زمام الفخر إلا فتى الجد
فتى لا يبالي بالنوائب والنوى ... ولو طوحته في حزون من الجهد
فتى أن يكن بالشرق أمسى مقامه ... وفي الغرب مقباس بغاه على البعد
وأطلق للشوق العنأن فأوجفت ... صوافنه في السهل والغور والنجد
تجوب الفيافي معنقات كانها ... قطار بخار هاج من سورة الحقد
فسار يباري الريح يبغي عدوه ... وفي قلبه نار الضغينة في وقد
فلما رأى عجز الجياد وهاجه ... لواعج في الأحشاء من قبس الوجد
دعا قائد الشمس اتئد وأروم زورقاً ... إلي فآتيها ورهطي أو وحدي
فهذى الجياد الصافنات أكلها ... سراها على الآكام والحزن والوهد
لعلي أقضي ما أورم من المني ... فارجع كالسيف الجزار إلى التغمد
كذا فليكن هم الرجال وحزمهم ... وإلا فموت أو رجوع إلى المهد
فليس ينال المجد إلا بهمة ... أشد مضاء من شبا الصارم الهندي
ومن لم يرو النفس من آجن المنى ... ويقذف بها في هوة الجهد والكد
فما هو يوماً للمعالي بصاحب ... ولا مالكاً ماما عاش ناصية المجد
ولا نائلاً من دهره ما يرومه ... ولا لحياض المكرمات بذي ورد
وما المجد إلا همة إن تمثلت ... تزلزلت الأفلاك منثوة العقد
فلا أن تبغ أن ترقى إلى ذروة العلى ... ولم تركب الأهوال نصاً على وخد
فترجع عنها كاسف البال مخفقاً ... تمر بك الأطيار تحسناً بلا سعد
وهل يخطب الحسناء من ليس قادراً ... على مهرها ما ذاك من عادة الجعد
فمن شاء أن يولى السعادة فلتكن ... له الهمة القعساء رائدة القصد
ويتخذ التقوى شعاراً ومذهباً ... إلى مورد الرضوان والمسرح الرعد
فمن يجعل التقوى صوى لفعاله ... فما يوماً بالمزيغ عن الرشد
ومن عدم التقوى أناحت بصدره ... كوارث أشجان من الصلد
وليس التقى ثوباً تقادم عهده ... وما لبسه زاهدا يعد من الزهد
ولا أن يرى بين المصلين ساجداً ... ومذهبه إلا ضرار دأب الفتى الوغد