للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[قصة]

نتائج الإهمال

دخلت عيشا ذات يوم مكاناً عاماً تعرض فيه الصور المتحركة لأقضي ليلة من ليالي همومي فأنصرف بالفرج عن السياسة فبينما أسرح الطرف لأختار مكاناً للجلوس لفتت نظري فتاة مسلمة لا تتجاوز الرابعة عشرة سنة تمشي رقصاً وتتيه عجباً بملاءة من الحرير الأسود مزركشة بأنواع التخاريم ضيقة الأطراف والأذيال تكاد تظهر أعضاؤها فيرى الناظر إليها خصرها النحيل الذي زاد نحولاً بضغط المشد وهو محاط بزنار من الحرير الأسود ويرى نهديها نافرين وكفلها بارز وكأن هذا المظهر غير كاف حتى أخرجت شعرها المتجعد من فوق جبينها الوضاح كأنه إكليل من الأزهار وزان الخالق جبينها بقوسي حاجبيها وأما عيناها النجلاوان وأجفانها المتكسرة وأهدابها البارزة فقد زينتها بكحل أسود يخص بغانيات مصر كحل يزدن به كحلهن جمالاً يسحرن بغمزهن قلوب الناظرين ولها أنف مستو يعلو نصفه برقع شفاف من الحرير الأبيض عَلَى أنها قريبة من البياض ولما دخلت لفتت رأسها إلى الجانب الأيمن فتراءى من تحت البرقع جيد أشبه بجيد الغزال مطوق بطوق من الذهب وهي مكشوفة الزندين كأنها ذاهبة إلى مرقص عَلَى النمط الإفرنكي فقلت في نفسي ما هذا التبرج؟ وهل بعد ذلك أقول أنها في حجاب! عَلَى أنه أعجبني تستر بعض السيدات المصريات بما يطلقن عليه الحجاب الشرعي إذ لا يتيسر للمرء لا يراهن متبرجات تبرجاً جاهلياً وكيف يجوز للشريفة العفيفة أن تتبرج لغير زوجها؟ وما التبرج الجاهلي إلا دليل السذاجة وسلامة الطوية أو دليل خبث النية وعادة سيئة.

أسفت عندما رأيتها دخلت إلى مثل تلك الأمكنة العامة وحيدة وليس منها مكلف من محارمها يدفع عن أذى المتهكمين ومن الأسف دخول السيدات إلى الأمكنة العامة حيث يختلطن بالرجال ويسمعن من الألفاظ ما يؤذيهن ونما هذا العمل الأخرق لآداب الشرق وشرف الحجاب.

دخلت تلك الفتاة محلاً خاصاً فدعاني حب الاطلاع عَلَى الأمور مغروس في فطرة الإنسان أن أراقب أعمالها فدنوت من المحل الذي جلست فيه وما أشد دهشتي وقد شاهدتها تتعاطى