كانت أمريكا مجهولة عند أبناء القرن الخامس عشر بدليل أن المؤرخين في ذلك العهد لم يذكروا عنها سوى أخبار اكتشافها في أواخر ذلك القرن غير أن كلام ايراتوستينيس واسترابون اليونانيين اللذين عُنيا بفن الجغرافيا بنحو ٢٠٠ سنة ق. م. يستدل منه على أن القدماء كانوا يتحدثون بوجود قارة مجهولة في أيامهم.
ولقد اهتم الخليفة المأمون بن هارون الرشيد السابع من خلفاء بني العباس عام ٨٣٣ للميلاد بعلم الجغرافيا في جملة ما اهتم به من أصناف العلوم فكان من ذلك أنه اشتغل في هذا الفن عدد من علية علماء العرب في دار الخلافة وانتشرت معرفته من تلك المدينة إلى معظم البلدان بعد أن درست آثاره وطمست أخباره في القرون المتوسطة في أوروبا.
ولم يقتصر علماء العرب إذ ذاك على جمع ما بقي من أقوال علماء اليونان والرومان في هذا الفن بل جدوا في اكتشاف بلاد مجهولة في أيامهم وتخطيطها فذهب فريق منهم سنة ٩٠٠ للمسيح إلى الشرق الأقصى من القارة الآسيوية ومضى فريق آخر إلى القارة الغربية. ولو لم يثبط عزائمهم أمير الجزيرة التي بلغوها بعد ٢٤ يوماً من سفرهم من لشبونة من بلاد البرتغال إلى الغرب لكانوا أول من اكتشفوا أمريكا.
وبعد فقد ظل هذا الفن مجهولاً في أوروبا حتى أواخر القرن الرابع عشر للميلاد ولذا بقيت القارة الأمريكية وأستراليا والجهات الشمالية من أوروبا والجهات الشرقية من آسيا مجهولة في تلك البرهة الطويلة. ومن الحروب والفتوحات ما يبعث على يقظة العباد والبلاد وهبوبها من رقاد الانحطاط فقد حدث أن طرد السلطان صلاح الدين الأيوبي عام ١١٨٧م الصليبيين من سورية فعاد هؤلاء إلى المغرب بعد سبع حملات حملوها على المشرق حاملين معهم ما اكتسبوه من علوم العرب وكتبهم وأخذوا؟؟ هناك. . . .