نشر الأستاذ هارتمان من علماء المشرقيات الألمان سياحة له بالألمانية إلى بلاد كشغر أو تركستان وصف فيها جغرافية تلك البلاد وحكوماتها السالفة وطرقها وعلائقها مع الأمم وتاريخها القديم والحديث وإدارتها الصينية وما كان له من الصلات مع موظفيها وعلاقة الكشغربين بالأجانب ولغتهم وآدابهم ودينهم وتعليمهم ودروسهم وارتقاءهم العقلي. والسارتيين والمبشرين الأوروبيين من الإنكليز والسويديين والألمان وصادرات تلك البلاد ووارداتها وتجارتها وما يرجى لها من التقدم وقد جعل كتابه هذا لخدمة أمته في سياستها وتجارتها فوجه أنظار حكومته ومواطنيه لبلاد خاضعة بالاسم للصين ولكنها تخالفها من حيث أصول سكانها ولغتها ودينها. وبلاد تركستان الصينية أو كشغر أتى عليها زمن كانت مستقلة منذ بضعة قرون على عهد سلاطين ويغور أما اليوم فإن الإسلام قتل فيها على رأيه حالتها العقلية والصناعية فليس فيها ما تستطيع أن تنهض به وحدها وتستعيد سالف استقلالها. فأصبح من اللازم إنشاء مملكة حسنة الإدارة في تلك البلاد بين آسيا الشرقية وآسيا الغربية أي في طريق الحرير وما من دولة أوروبية تحدثها نفسها في الاستيلاء على تلك البلاد لأن روسيا ضعيفة وإنكلترا لها من المشاغل بغيرها ما يصدها عن اكتساحها والصين ليس في وسعها أن ترمي بقسم من شعبها ثمت وأن تجعل لها جيشاً ضخماً من أبنائها يكون على قدم الدفاع عنها وهي عارفة بأن مركزها مقلقل. ولذلك احتاجت بلاد كشغر إلى الغريب لينهضها من كبوتها.
ولو كان فيها بعض الأهلين من المسيحيين لكان المرسلون المسيحيون ينفعون البلاد كما هو الحال في سورية ولكن الشعب هناك مسلم كله فليس في الإمكان أن يدعى إلى النصرانية لما أن ذلك يهيج تعصبه ولا يأتي بنتيجة. ومن خرج من الإسلام فجزاؤه القتل عند المسلمين. فليس إذاً غير المرسلين البروسيين يعرفون من أين تؤكل الكتف ويتخذون طريقة توصل إلى المقصود فلا يدعون إلى الدين بل يتوفرون فقط على تقوية التجارة والصناعات.
وستجد ألمانيا في تلك البلاد مصارف مهمة لتجارتها تنتفع بها كل الانتفاع ولاسيما إذا