قليل في القارئين من لم يسمعوا باسم المستر روزفلت رئيس جمهورية الولايات المتحدة السابق الذي خدم بلاده أجل خدمة فعد العالم الاجتماعي الاقتصادي والقائد العظيم والسياسي الإنساني وأعظم ملوك عصره ورؤساء الجمهوريات بلا منازع.
أصل هذا الرجل هولاندي نزل أجداده الولايات لمتحدة منذ مائتي سنة وتخرج هو في كلية هارفرد الجامعة وكان قبيل الحرب الأميركية الإسبانية مساعد أمين سر وزارة البحرية فلما نشبت الحرب استقال وتطوع في الجيش حتى إذا عاد ظافراً عينته الحكومة والياً على نيويورك ثم معاوناً للرئيس ماكنلي فلما قتل هذا انتخبته هذا رئيساً عليها على الرغم مما كان يكيد له بعض منافسيه في السياسة ثم أعيد انتخابه بعد أربع سنين وهي المدة النظامية لكل رئيس جمهورية. ضرب روزفلت على أيدي رجال الاحتكار في الغرب وطأطأت لأقواله رؤوس ملوك الفولاذ والبترول وغيرهم من الأميركان ونصر المستضعفين والفقراء وهاله اجتماع الثروة في أيدي أفراد وحرمان سائر الأمة منها فقام يضرب على المحتكرين الرسوم الفاحشة ويداوي الأجسام والجيوب بأفعاله كما يداوي الأرواح والعقول بأقواله وله عدة تآليف اجتماعية سياسية ومقالات كثيرة في المجلات والجرائد وهو الذي ألف بين جمهوريات الجنوب وجمهوريات الشمال وجعل لبلاده مقاماً سامياً في السياسة الخارجية وحل المعضلة التي كانت استحكمت بين روسيا واليابان فاستحق على عمله جائزة السلام لنوبل وعينه مجمع العلوم السياسية والأخلاقية في باريز عضواً مراسلاً له دلالة على اعتبار أوربا لأعماله.
ولما لم يرض المستر روزفلت أن يعاد انتخابه لرئاسة الجمهورية للمرة الثالثة عملاً بالتقليد المأثور عن الرئيس واشنطون وجفرسون رأى أن يهجر البلاد مدة ليخلو الجو للرئيس تافت الجديد فرحل إلى أفريقية الشرقية ليكمل نفسه في العلم والتجارب ويفيد أمته من رحلته حتى إذا عاد إلى نيويورك يوسد إليه تحرير مجلة الأوتلوك الأسبوعية وهكذا يرجع الرئيس من زعامة خمسة وثمانين مليوناً من البشر الراقي إلى رئاسة تحرير مجلة. وناهيك بمنتصب العلم من منصب.