انقضى من الخليقة إلى الطوفان ٢٢٤٣ سنة حسب الترجمة السبعينية و١٦٥٦ سنة حسب النسخة العبرانية. وأقدم مؤرخ يلم بتاريخ الجنس البشري في هذه المدة الطويلة هو موسى الكليم. ولم يذكر موسى بمكانة البشر من الحضارة والعمران في تلك الحقبة التي كانت بين الخليقة والطوفان. فقد دون موسى الخمسة الفصول الأولى من سفر التكوين - أحد أسفاره الخمسة - وهي لا تبحث إلا عن الخليقة وعن آدم وحواء وعن قابيل وهابيل وعن الآباء العشرة وعن كثرة شرور الإنسان التي أدت إلى الطوفان.
ولد الإنسان الأول - آدم - في ما بين النهرين أو في أرمينية على ما يرجح علماء هذا العصر وعاش ٩٣٠ سنة. وولد شيث لسنة ١٣٠ آدم حسب النسخة العبرانية وعاش ٩١٢. وولد انوش سنة ٢٣٥ وعاش ٩٦٥. وولد قينان سنة ٣٢٥ وعاش ٩١٠. وولد مهللئيل سنة ٣٩٥ وعاش ٨٩٥ سنة. وولد يارد سنة ٤٦٠ وعاش ٩٦٢ سنة. وولد اخنوخ سنة ٦٢٢ وعاش ٣٦٥ سنة. وولد متوشالج سنة ٦٨٧ وعاش ٩٦٩ سنة. وولد لامك سنة ٨٧٤ وعاش ٧٧٧ سنة. وولد نوح سنة ١٠٥٦ وعاش ٩٥٠ سنة.
هؤلاء هم الآباء الأولون العشرة من الخليقة إلى الطوفان. ولم يذكر موسى عنهم سوى سني حياتهم وأن لامك كان أول من تزوج أكثر من امرأة وأن ابنه يابال كان أباً لساكني الخيام ورعاة المواشي وأن أخاه يوبال كان أباً لكل ضارب بالعود والمزمار وأن توبال قايين كان الضارب كل آلة من نحاس وحديد. قال ابن الأثير المتوفى سنة ١٢٣٣م أن مهللئيل كان أول من استخرج المعادن وشاد الأبنية في العالم. وقال غيره من مؤرخي العرب كابن خلدون المتوفى سنة ١٤٠٥م وكأبي الفدا المتوفى سنة ١٣٣١ أن الأب الثالث انوش كان أول من أوجد المحاكم وأوصى بالإحسان بين البشر.
أما ما وجده المتأخرون محفوراً على القبور والصخور وجدران الأبنية من الخطوط المصرية المعروفة بالهيروغليفية والخطوط المسمارية فكان بعد الطوفان.
لا مشاحة في أن سورية كانت مأهولة بولد آدم قبل الطوفان. والحجة على ذلك لا الظنون التي جعلها بعضهم حقائق ودونت في بطون الأوراق ولا الأوهام والتقاليد التي تناقلها الخلف عن السلف وجعلها بعض الباحثين ذات أهمية كبرى هي أن سورية متاخمة لما بين النهرين والفاصل بين البلادين سهول واسعة ومروج خصيبة وأن تلك المدة الطويلة التي