كانت بين الخليقة والطوفان تستدعي تفرق بني آدم في القطر السوري.
ولد لنوح جد الأسرة البشرية بعد الطوفان سام وحام ويافث فأقام الأول أو نسله في آسيا. وأقام الثاني أو نسله في إفريقية. وأقام الثالث أو نسله في أوربا ولقد كثر نسل نوح بعد الطوفان فظهر الآراميون في دمشق والجيدور والجولان والبقاع وحمص ولبنان والبترون وجبيل وبيروت. ثم توطن سورية بعض قبائل الجبابرة وأقام العمونيون في البلاد التي لا تزال معروفة بهم والموآبيون في بلاد موآب والإسماعيليون في العربية الصخرية وما جاورها والأدوميون في بلاد أدوم والفينيقيون في صور وصيدا وجبيل. وتفرعت من هذه القبائل فروع كثيرة في قرون مختلفة. أما الحثيون فكانت بلادهم شمالي سورية.
افتتح سزوستريس المصري فينيقية نحو سنة ١٥٠٠ ق. م وتغلب بنو إسرائيل على أرض كنعان نحو سنة ١٤٥٠ ق. م وقال بعض الباحثين لا بل سنة ١٥٤٠ ثم استحوذ على قسم من سورية تجلت فلا صر الأول سنة ١١٢٠ ق. م ثم افتتح الآشوريون فينيقية عام ٧٥٦ ق. م وتغلب بختنصر الثاني مبك بابل على كل سورية سنة ٦٠٠ ق. م ودخل الإسكندر الكبير إلى سورية سنة ٣٣٣ ق. م وحاصر صور في شباط فبراير وافتتحها في آب أغسطس سنة ٢٣٢ ق. م. ثم افتتح صيدا وجبيل وبيروت والسامرة والجليل وغزو وسواها وملك البلاد التي اكتسحها عشر سنوات ثم انقسمت مملكته بعد وفاته بين قواده كما سيجيء. ثم استولى السلوقيون على شمالي سورية سنة ٣١١ ق. م وكانت هذه البلاد قبل ذلك العهد بقرون تحت حكم الحثيين.
هذه أشهر القبائل والدول التي استولت على سورية منذ عهد نوح إلى بدء حكم قياصرة الرومان فيها فإذا أطلعنا على تاريخ فينيقية ألفينا أنه كان لكل مدينة من مدنها ملك وأن الفينيقيين رجال البحار وقادة الأسفار وزعماء التجارة والصناعة وأهل العلوم في أيامهم لم يكن تعدد ملوكهم على بقعتهم الصغيرة إلا دليلاً على انقسامهم.
وما يقال في أمة البحار ذلك العهد يقال في بني إسرائيل. فقد كان تاريخ هذه الأمة المختارة في مدة نحو ٩٩٤ سنة عبارة عن مشاغبات وانقسامات في عهد القضاة وفي عهد الملوك. وكانت الأخطار والصعاب محيطة بهم من شعوب سورية المعروفة في أيامهم.
وهكذا قل في سائر الأمم السورية التي عاصرت الإسرائيليين في عهد قضاتهم وملوكهم.