نشر المسيو جبرائيل مدينا في المجلة التونسية فصلاً إضافياً في أصول شعوب الأرخبيل في البحر الرومي وأحلافهم الليبيين الأفريقيين مستنداً فيه إلى ما عرف من الآثار المصرية والمصانع المصورة في آسيا الصغرى قال فيه ما تعريبه:
عرض المسيو إيفانس في مؤتمر الجمعيات العلمية الدولي الذي التأم في موناكو سنة ١٩٠٧ نتيجة أعمال الحفر التي قام بها في كنوس عاصمة جزيرة كريت القديمة وهي حفريات ظهر بها مواد كثيرة يرجع عهدها إلى قدم الأزمنة في تاريخ كريت ويستدل منها على أمور كانت غير معروفة عن حال مدينة قامت في تلك البقاع. وقد أطلق هذا المكتشف على ما عثر عليه من بقايا الآثار اسم المينوئية وإن دلت كلها في الجملة على أنها صنعت على مثال الآثار الليبية المصرية دلالة لا يتمارى فيها اثنان.
وقد نشر الآن المسيو هوغو ونكلر أستاذ كلية برلين كراسة صغيرة ذكر فيها ما عثر عليه أثناء حفرياته في بوغاز كوي وهي مشهورة بنقوشها البارزة الهيتية وكان من حظ هذا العالم أن يضع يده على السجلات السياسية لملوك الهيتيين مما يرجع على الأقل إلى خمسمائة سنة قبل الميلاد.
وبين الألواح التي ظفر بها الأستاذ ونكلر الصور الأصلية من الرسائل التي بعث بها ملك الهيتيين إلى الأمراء الخاضعين له ونسخة من المعاهدة التي عقدت بينه وبين رعمسيس الثاني بعد موقعة قادش وهي المعاهدة التي عرفناها من الترجمة البديعة التي ترجمها المسيو ماسبرو منقولة عن الأصل المصري الذي وجد في الكرنك. ولقد عثر المسيو ونكلر أيضاً على نحو مائة قطعة من القرميد محفورة من أطرافها فيها بضع مئات من السطور المكتوبة بحروف المسند ولكنها كتبت باللغة الآشورية والهيتية وهي اللغة التي لم تنحل حتى الآن.
وقد ظهر من حال بعض الألواح الآشورية أن بليدة بوغاز كوري كانت عاصمة المملكة الهيتية على عهد عظمتها وارتقائها أي في القرن السادس عشر إلى القرن الثلاث عشر قبل المسيح لا مدينة كركميس كما كان يظن من قبل. وأن تلك العاصمة كانت تسمى خاتي وبهذا استبان مقر تلك الأمة وعليه فإنا نقول أنها كانت في إقليم كابودسيا لا في الوادي الغربي من الفرات الأوسط كما كانوا يزعمون حتى الآن.