لمولانا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام من الحكمة البالغة التي تتجلى ببرود البلاغة الرائعة ما لا يجهله ذو مسكة من البيان العربي.
وهو مع كونه غذي بدر النبوة وارتضع أفاويق الحكمة فهو بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبلغ الهاشميين الذين هم مهبط القرآن ومعدن الإعجاز في البيان وهم أفصح قريش الذين هم أفصح العرب على الإطلاق.
وقد عني الشريف الرضي الموسوي في جمع ما عثر عليه من كلامه عليه السلام في كتابه نهج البلاغة فكان هذا الكتاب نبراساً للمتأدبين ومنهجاً لاحباً للطالبين وتوفرت العناية في دراسته من طالبي الحكمة الأخلاقية أو الملكات اللغوية أو السلائق البيانية.
وقد عثرت في مطالعاتي على كلام له عليه السلام لم يذكر كله أو جله في نهج البلاغة فأحببت أن أتحف قراء المقتبس بهذه الدرر الحكيمة والجواهر الكريمة خدمة للعلم فقد أخرج الشيخ الإمام محمد بن محمد بن النعمان المعروف بأبي عبد الله الحفيد المولود سنة ٣٣٨ والمتوفى سنة ٤١٣ في كتابه المعروف بالإرشاد جملة صالحة من كلامه في مواضع شتى إليك بعضها مع شرح وجيز لها.
النبطية (جبل عامل) -
أحمد رضا
من كلام عليه السلام في وجوب المعرفة بالله تعالى والتوحيد له
ونفي التشبيه عنه والوصف لعدله
فمن ذلك ما رواه أبو بكر الهزلي عن الزهري عن عيسى بن زيد عن صالح بن كيسان أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في الحث على معرفة الله سبحانه والتوحيد له.
أول عبادة الله معرفته وأصل معرفته توحيده ونظام توحيده ففي التشبيه عنه جل عن أن تحله الصفات لشهادة العقول أن كل من حلته الصفات مصنوع وشهادة العقول أنه جل وعلا صانع ليس بمصنوع بصنع الله يستدل عليه وبالعقول يعتقد معرفته وبالنظر تثبت صحته جعل الخلق دليلاً عليه فكشف به عن ربوبيته هو الواحد الفرد في أزليته لا شريك له في آلهته. ولا ندّ له في ربوبيته بمضادته بين الأشياء المتضادة علم أن لا ضدّ له