كثير من كتبنا كادت تفقد بتة لو لم يتداركها الإفرنج بابتياعها منا أولاً وينشرها بالطبع ثانياً ومن جملة هذه المخطوطات هذا الكتاب لشمس الدين أبي عبد الله محمد ابن أبي طالب الأنصاري الصوفي الدمشقي المعروف بشيخ الربوة. فبينا نجد منة نسخ هذا التأليف أربع نسخ في شمال أوربا فقط الأولى في كوبنهاغ والثانية في ليدن والثالثة في بطرسبرغ والرابعة في لندن وفي هذه عدة نسخ منه لا نجد من هذا الكتاب الذي ألف في دمشق بل ولا في سورية نسخة مخطوطة فيما نعلم حتى تداركه المستشرق فرين الروسي والمستشرق مهرن الدانيمركي وطبعاه سنة ١٨٦٥م ١٣٨٦هـ ونسخة طبعه اليوم غزيرة جداً كسائر الكتب العربية التي يطبعها المستشرقون الأوربيون لمنفعتهم الخاصة في الأكثر.
وشيخ الربوة هذا كان من أعجيب الدهر معاصراً لأبي الفدا صاحب حماة العلامة المشهور قال فيه صاحب الدرر الكامنة أنه كان يصنف من كل علم سواءٌ عرفه أم لا لفرط ذكائه. قال الصفدي ولد سنة ٦٤٥ وعانى الأشغال فمهر في علم الرمل والأوفاق ونحو ذلك وكان ذكياً وعبارته حلوة ما تمل محاضرته وكان يدعي أنه يعرف الكيمياءَ ودخل عَلَى الأفرم فأوهمه شيئاً من ذلك فولاه مشيخة الربوة وله السياسة في الفراسة مطبوع وله غيره مثل كتاب في الأصول ومن شعره:
للنفس وجهان لا تنفك قابلة ... مما تقابل من عال ومستفل
كنحلة طرفاها في مقابلة ... فيها من اللسع ما فيها من العسل
توفي في صفد سنة ٧٢٧ بعد أن لحقه صمم قبل موته وذهبت عينه الواحدة وكان صبوراً عَلَى الفقر والوحدة كثير الآلام والأوجاع وكتابه هذا في العلم بهيئة الأرض وأقاليمها وتقاسيمها واختلاف القدماء في ذلك وعلاماتها ومعمورها من البحار المتصلة والمنفصلة والجزائر والجبال والأنهار والجرارات والآجام العظيمة والعيون والممالك ومسالكها والأمصار للكبار ورساتيقها والآثار القديمة والعمائر العظيمة والعيون والآبار والينابيع العجيبة والحيوان النادر الشكل والنبات الغريب والمعادن الذائبة المتطرقة وتوابعها في المعدنية والأحجار الشريفة الثمينة والتي تليها في الشرف والقيمة والتي تلي ذلك مما هو ممتاز من التراب لوصف خاص أو خاصة ذاتها ووصف ألوان الأحجار الثمينة وطبائعها وخواصها ونعت بقاعها ومعادنها وذكر أسباب توليدها عَلَى ما ذكره الأقدمون وذكر مساحة