للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[طرق الشرق]

ربما يظن بعضهم أن الاتصال بين الشرق والغرب كان في القديم معدوماً والحقيقة أن الاتصال للتجارة والزيارة كان موجوداً ولكن لا كما هو اليوم فكنت ترى في البلد الواحد من الشرق أو الغرب بضعة رجال سافروا إلى القاصية في البر أو البحر واليوم ترى في المدن التي كثر اختلاط أهلها بالأمم المجاورة والبعيدة خمسة أو عشرة في المئة ولا سيما سكان الساحل فكثر الخلط في الأخبار قديماً وقلّ اليوم إذ عرف كل شيء وسهلت الطرق التجارية بحرية كانت أو برية طرق الاطلاع على الحقائق وكانت طرق فارس في الأمم القديمة آمن الطرق وأسلكها (المقتبس م٣ ص١٠٣) ولذلك سهل على كثير من أهل الإسلام أن يزوروها وكانت كتابة قدماء جغرافيي العرب أمتع من كتابتهم على نفس ديار العرب ولم تبطل المواصلات بين الغرب والشرق فتارة يتقدم الفينيقيون ويحملون على سفنهم متاجرهم إلى سواحل البحر الرومي وربما بلغوا بها بريطانيا العظمى وطوراً تكون النوبة للرومان يفتحون جزءاً عظيماً من بلاد الشرق الأقرب فتكثر متاجرهم مع أهله وآونة يكثر الاختلاط بين بالروم من أهل المملكة الشرقية ويتسلطون على كثير من الأقاليم الشرقية فتزيد الصلات التجارية معهم ثم تجيء نوبة الروسيين فالجنوبيين فالبيزيين فالبنادقة الإيطاليين.

ومنذ القرن الرابع للمسيح أخذ من دانوا بالنصرانية يأتون إلى الأراض المقدسة وفي الحروب الصليبية كثرت هذه العلائق وكان للنورمانديين فضل السبق على سائر الأمم الأوربية بتحمسهم في زيارة الأصقاع المقدسة في فلسطين مدفوعين بعوامل حب الربح والاتجار أيضاً فكانوا يتحاشون تجثم أهوال البحر ولذلك كنت تراهم يقطعون المسافة براً فيمرون بفرنسا وبجزء عظيم من إيطاليا ثم يركبون البحر من نابولي أو كايت أو سلونا وهي الموانئ التي كانت تتقايض التجارة مع سورية وقد قضى الصليبيون الذين سافروا من أوربا إلى فلسطين من طريق الأستانة براً ثمانية أشهر وكانت تقطع المسافة بحراً في مراكب تلك الأيام بين إحدى مواني الأندلس وبين الإسكندرية في ثلاثين أو أربعين يوماً وربما بلغت من البندقية إلى يافا خمسين يوماً بحسب ملائمة الهواء. والطريق التي كانت متبعة في القرن السادس عشر للذهاب من فرنسا إلى الشرق براً هي راغوس يكي بازار اسكوب تاتار بازار جق.