قال أفلاطون: لم يبعث الأرباب فن الموسيقى لإدخال السرور على البشر واللذة على حواسهم بل لتسطين اضطرابات نفوسهم وتهدئة تلك الحركات المشوشة التي لا مندوحة لجسد مليء بالنقص عن الشعور بها. فجعل الأطباء قديماً وحديثاً هذه الكلمات نصب أعينهم عرف ذلك من ثباتهم على المحاولة في شفاء مرضاهم بالأنغام فاستعملوا الموسيقى لشفاء أو تخفيف الصرع والسويداء والإب (النزاع إلى الوطن) والخبل وضيق الصدر والهوس والجنون والبلادة والسير والتكلم في حال النوم والخدر والنقطة والهستريا والسكتة والفالج والسرسام وداء الأعصاب والحميات والنقرس وعرق النسا والرثية روماتيزم والطاعون والحميراء والكلب وغيرها كما استعملوها لشفاء الجروح والقرصات السامة ولتقوية الهضم والتنفس وترشيح الأخلاط فللموسيقى أهمية في الطب وتستخدم للتمريض.
كانت تتم في القديم معرفة فنون الشعر والموسيقى والطب لشخص واحد. يقول ألين (الكاتب اليوناني من أهل القرن الثالث) أن ترباندر وتاليت وترتي كانوا أطباء موسيقيين وأوصى كسينوكرات وأبقراط واسكلبيادس وكاليين وأرتي وسليوس اورليانوس وتيوفراست باستخدام الموسيقى في عدة أمراض عندما تنقطع الحيلة من العلاج في بعض الأدواء. وكان الأحياء والأموات يسمعون أدوات الطرب. قال مونارك أن القدماء كانوا يسمعون المحتضرين بعض الألحان وربما اسمعوها من قضوا نحبهم لعلهم تعود الحياة إليهم. وقال سليوس اورليانوس أن فيثاغورس كان أول من استعمل الموسيقى في شفاء الأمراض وأنه جرب ذلك في بلاد اليونان. وقال بورهاف (١٦٦٨_١٧٣٨) لا بأس بنسبة جميع الخوارق التي رويت عن الرقيات والأشعار في شفاء الأمراض إلى الموسيقى التي كان قدماء الأطباء يجيدونها.
استعملت الموسيقى في عصرنا لمعالجة عامة الأمراض فأصدر بونابرت أمره إلى أجواق موسيقى كتائب جيش الشرق أن تصدح كل يوم تحت نوافذ المستشفيات ولا تزال أجواق الموسيقى العسكرية إلى اليوم في كثير من الحاميات في الولايات تذهب مرة أو مرتين في الأسبوع لتنغم بأبواقها أما مرضى الجند.