من المخطوطات النفيسة التي كادت تعبس بها يد الضياع كتاب الطالع السعيد الجامع لأسماء الفضلاء والرواة بأعلى الصعيد لكمال الدين أبي الفضل جعفر بن تعلب الأدفوي المولود في نصف شهر شعبان سنة ٦٨٥ والمتوفى في سابع عشر شهر صفر سنة ٧٤٨ ألفه بإشارة من شيخه أثير الدين أبي حيان النحوي الأندلسي وقصره على تراجم النابغين من إقليم قوص وما يتبعه من البلدان والقرى وهو أول ما ألف من نوعه خاصاً بأهل الصعيد. ولم يكن بمصر من نسخ هذا الكتاب غير اثنتين بدار الكتب الخديوية كلتاهما ناقصة وما زلت في شوق إليه وبحث عنه حتى ظفرت بنسخة منه كاملة كتبت سنة ٨٨٠ برسم الفقيه مجد الدين أبي عبد الله بن شرف الدين حمزة الخطيب الواعظ وهي كغالب المخطوطات لا تخلو من التحريف والتصحيف خصوصاً في مواضع أهمل الناسخ إعجامها فلا تتيسر قراءتها إلا بضرب من العنت وتدقيق النظر.
افتتح المصنف كتابه بمقدمة تشتمل على مسافة هذا الإقليم وتفصيل ما اختص به من المزايا فذكر أن مسافته تبلغ في الطول اثني عشر يوماً بسير الجمال السير المعتاد وتبلغ في العرض ثلاث ساعات وأكثر أو أقل تبعاً للأماكن العامرة وأنه ينقسم إلى كورتين يفصل بينهما النيل فالشرقية منهما تتصل شرقاً بالبحر الملح (هو بحر القلزم المسمى الآن بالبحر الأحمر) وأولها من الشمال أرض أفنو وآخرها من الجنوب أبهر الشرقية بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة وضم الهاء ومن مدنها قنا وقفط وقوص وهي قاعدة الإقليم في عصره وكان بها أربعون مسبكاً للسكر وست معاصر للقصب وبها قباب بأعالي دورها قيل أن من ملك عشرة آلاف دينار يجعل له قبة في داره وإليها تكاتبه ستة ملوك. ومنها الأقصر وأسوان قال وأهلها يوصفون بالمحك في المعاملة وشدة المخاصمة وفيها يقول دعبل بن علي الخزاعي وكان أقام بها والياً كما نقل أهل التواريخ:
وإن امرأ أمست مساقط رأيه ... بأسوان لم يترك له الحزم معلما
حللت محلاً يقصر الطرف دونه ... ويعجز عنه الطيف أن يتجسما
ولهم لغة يجعلون الطاء تاء فيقولون التريق في الطريق والتاق في الطاق ويبدلون الفاء بالباء والباء بالفاء فيقولون ضربته في هذا بعنوان بهذا أهـ. والكورة الغربية أولها شمالاً برديس وآخرها جنوباً أبهر الغربية ومن مدنها أدفو بلد المصنف وعشة الذي درج منه. ثم