زادت الهجرة إلى الولايات المتحدة منذ سنة ١٨٧٠ وكانت ألمانيا وإنكلترا من البلاد التي هاجر منها الناس زرافات وبعثت كل من النمسا والنروج والسويد وإيطاليا وفرنسا والصين واليابان عصابات من المهاجرين يغشون البلاد الجديدة ويحملون إليها برؤوس أموال كبيرة وأسست ألمانيا وغيرها مراكز للاستعمار في أميركا الجنوبية. ونظمت إنكلترا لها مملكة استعمارية يبلغ عدد رجالها من مائتي مليون إلى ثلاثمائة منتشرين في أصقاع الأرض ومدت روسيا سلطتها على سيبيريا والأقاليم التي وراء بلاد القوقاز وحلت فرنسا في الهند الصينية ومدغسكر وألمانيا في بحار المحيط وأميركا الجنوبية ونثرت إيطاليا أرجاء بلاد الحبشة بأشلاء أبنائها واليابان تحارب روسيا للاستيلاء على كوريا. أما الولايات المتحدة فلم تنو اتخاذ مثال الأمم المتحدة إلا سنة ١٨٩٨ فدخلت إلى جزائر الهافاي وساموا والفيلبين وكوبا وبورتوريكو وباناما وأخذت تضع العقبات فس سبيل المهاجرين من أوربا والشرق الأقصى وراحت تبعث بجمهور من مهاجرة أبنائها مع رؤوس أموال ضخمة إلى المحال التي بسطت ظل نفوذها عليها. وعقدت المعاهدات التجارية الخاصة مع جمهوريات الجنوب وبعض الممالك الأوربية جاعلة لحماية تجارتها القول والفصل.
ومما يدل على بسط سلطة الأميركيين وتوفيقاتهم الاستعمارية استشارهم بجزائر الهافاي سنة ١٩٠٠ تلك الجزائر التي تأخذ منها الولايات المتحدة سبعين ألف طن من السكر وفيها من ضروب الثمار والزهور ما تحار له الألباب وجميع أهلها يقرؤون ويكتبون وقد نالوا الجائزة الأولى في انتشار التعليم الابتدائي بينهم في معرض باريس سنة ١٨٧٨ والعيش فيها من حيث الرغد والرفاهية لا يشبهه إلا المقام في جزائر كناريا. وقد نالت أميركا سنة ٩٩ معظم جزائر ساموا ثم حولت وجهتها نحو استراليا واليابان والصين لما في البلاد الأولى من الخصب والغنى وفي الثانية من الطموح إلى الترقي وفي الثالثة من الضعف والاستسلام.
جعل الأميركان قبلتهم تلك الممالك والتجارة مقصدهم الأول نعم بعثوا بدعاة الدين ولكن دعاتهم لم يشبهوا دعاة الكثلكة بحال فهم يبتعدون عن المشاغب والمتاعب ويجعلون التجارة