لا يصح إطلاق اسم المهاجرين على السوريين الذين سافروا من بلادهم إلى أميركا لكونهم لم يهاجروا ديارهم كما هو المفهوم في معنى الهجرة وإنما يصح إطلاق لسم المسافرين عليهم لأنهم سافروا إلى أميركا للتجارة ولا للإقامة أو لمغادرة أوطانهم بتاتاً أو لجعل أميركا وطناً جديداً لهم أبداً.
وجعلهم طريق أميركا طريقهم المطروق ذهاباً وإياباً مما يثبت ذلك. وسل أياً كان من السوريين في أميركا الشمالية والجنوبية هل هجرت سورية. يقل كلا ما هجرتها إما غادرتها إلى حين_نزحت عنها طلباً للاكتساب وللإتجار ومتى نجحت ووصلت إلى غرضي عدت إلى وطني.
وأما أولئك الذين اشتروا الدور والأملاك في أميركا الشمالية فلم يشتروها لكي يقيموا في أميركا وإنما اشتروها ليتجروا بها ويكسبوا فالاتجار في الأراضي والعقار كثيراً ما يفيض على صاحبه ينابيع اللجين والنضار. وسل أياً كان من الملاكين السوريين في أميركا ألا تريد أن ترجع إلى أرض آبائك وأجدادك إذا تمكنت من بيع أملاكك بالربح يقل بلى أريد من قلبي ولكن دور العودة لم يأن بعد. وما يقوله الملاكون بهذا الباب يقول التجار والعمال والأطباء والصحافيون السوريون في أميركا.
وحجتهم على ذلك هي هذه الأمور (١) قلة العلة في الوطن (٢) عدم المساواة (٣) شدة التضييق والضغط (٤) عدم وجود الأمن في أراضي سورية المهجورة وغير المهجورة (٥) عدم وجود المعامل المهمة وقلة أبواب الرزق (٦) كثيرة التثبيط وقلة التنشيط (٧) كثرة القول وقلة العمل (٨) الإبطاء الطويل والمماطلة في المعاملات.
هذه هي حججهم الرئيسية وحقهم أن يحتجوا بها. فإذا كانوا قاسوا مشاق الأخطار والأسفار حتى وصلوا إلى ديار اتسعت أبواب رزقها وكسبها وكثر عدلها وساد أمنها وعمت مساواتها وحريتها وسبق عملها قولها وكثير تنشيطها وقل تثبيطها_إذا كانت هذه حالة البلاد التي وطئتها قدم السوريين فحري بعقلائهم أن يغتنموا فرصة الانتفاع منها والعاقل العاقل من وجد الفرص فانتهزها والجاهل الجاهل من أظفرته بنفسها ولم يغتنمها.
السوريون المتخلفون منقسمون إلى أربع طوائف في هذا الموضوع. طائفة راضية عن سوريي أميركا. وطائفة غير مبالية بهم. وطائفة غير راضية عنهم وهي غير مخلصة.