إذا أطلق لفظ النقش عند المسلمين فلا ينبغي أن يفهم منه أنه يراد به تمثيل صورة ذات روح بل قد تكون تلك الصور نقوشاً يراد بها أمر آخر. ومما يعجب له أنه يوجد في هذا الكتاب الوجيز إشارة ضعيفة لصورة فارس يمسك رمحه بيده نُقش على القبة في مسجد ببغداد. ولم يزد المسيو ميجون بأن هذا الفارس يشير إلى الناحية التي يجيء منها الهواء. فكان هذا التمثال ضرباً من دوارة على الهواء صنعت من الحديد المصفح وجعلت في الهواء تمثل فارساً والرمح بيده وقد ذكروا أسطورة بشأنها. فكان العامة يعتقدون أن هذا الفارس يدل بقوة تعويذة معه على الناحية التي تنشأ فيها ثورة من مملكة الخلفاء العباسيين.
وليس النقش عند المسلمين إلا خادماً خاضعاً للهندسة على نحو ما كانت الفلسفة من علم الكلام في القرون الوسطى. والأسود التي رآها ابن بطوطة قد صنعت من الرخام المستخرج في أفروجيافرجيا في آسيا الوسطى حيث يكثر فيها. وبلغ من احترام السلاجقة للنقش أن كانوا ينزلونه في الحوائط. وليس للتمثال من الخشب التي صنعها صناع من المسلمين بأمور الطولونيين علاقة بالصنائع الإسلامية بل هي فرع متأخر من فروع الصناعة الوطنية. وقد بدأت في مصر صناعة النقش للزينة باستعمال الكلس والرخام غير المسحوق بالآلة بل بيد صنع الأيدي وأقدم ما وجد من ضروبها شكل مهندس ممزوج بعروق خيالية ظريفة. أما الحجر للزينة فقلما يوجد إلا في المساجد التي يرد عهدها إلى القرن الرابع عشر وعلى العكس في إسبانيا فإنا نرى هذه الصناعة مزهرة فيها منذ أوائل الخلافة الأموية.
وقد بقي لنا شاهد واحد منها وهو مغسل الوضوء المصنوع من الرخام ولا يزال محفوظاً إلى الآن في متحف الآثار في مدريد وجرن الرخام وحوض الأسود في قصر الحمراء معروفان موصوفان. إلا أن تزيين المصانع ما كان إلا من الجبس موضوعاً في القوالب وضعاً محكماً مما يبدو في هيئة بديعة تفوق أجمل نموذجات الهندسة. وإن قصر الحمراء على جماله لم يعمل إلا من معجون الجبس.
لا يأخذنا العجب إذا رأينا السلجوقيين في آسيا الوسطى قد أبقوا لنا صوراً تمثل الصورة الإنسانية. ولئن كان المهندسون في زمنهم سوريين أو روميين فإن الأفكار السائدة في بلاط