فتغيبت السبيل بين ذلك إلى إعطائك طرف حبل الإخاء في غير الخروج من سبيل التخير وكرهت أن تستعبدني بالإخاء قبل أن أعرفك بحسن الملكة وأن تستظهرني على الأعداء قبل أن أعرفك بعدل السيرة وأن تستضيء بي في ظلم الجهل قبل أن أعرفك بعقد اللب وأن تستمكن بي في المطالب قبل أن أعرفك بقصد الهمة فقدمت إليك الترحيب والعدة وأحسنت عنك المفاوضة والثقة وتنظرت أن تثمر لي فأذوق جناك فأعرفك بالمذاقة في الطعم إما لافظاً وإما مستبلغاً فإن كان اللفظ لم أكن من الرأي في قلبه وإن كان الاستبلاغ ذوقتك ما تشوقت إليه مما ادعيت مني به الخبرة وأول ما أنا معتبر به منك المواظبة على استنجاح ما سألت أو السآمة له فإن كانت المواظبة فأحد الشهود المعدلين وإن كانت السآمة فأنت عن حمل ما تعطي أضعف منك عن جميل ما تطلب. طالعني بكتبك فإنك قد حللت قبلي عقداً من التحفظ وعقدت عقداً من التقرب والسلام.