[آلام وآمال]
نظمت في مبتدأ سنة ١٩١٥م
أرى سنة تمضي وعاماً بنا يجري ... يضيق من آجالنا فسحة العمر
ودنا على هذا الوجود أجنةٌ ... تسير بنا الأيام في السهل والوعر
فيوم على صفو نؤمل عوده ... وآخر في البأساء عد من الدهر
لنا أمل في كل عام مجدد ... ترجي به صفو الحياة وما ندري
ولولا أملني ألفتى ورجاؤه ... لأيقن أن العيش ضرب من الأسر
مضى عمنا الأدنى بذنب فعله ... يجيء الذي يتلو المغادر بالعذر
سلكنا به ظلماء حالكة الدجى ... فلما انقضى حانت لنار قبة ألفجر
ألا أيها العام الذي كنا منه ... على الكون شؤبوبا من الدم لا القطر
تحجب فيه الغيث حتى إذا انجلى ... لنا الأمر كان الغيث من دمنا يجري
أفاض علينا في النعيم ابتداؤه ... وجادت بني الغبراء عقباه بالشر
لقد هاجني من جانب الشرق صائح ... ينوح وباك حيث مستتر البدر
وذو صخب الردى في شمالها ... يردد أنات الجنوب من الذعر
تورد وجه البحر حتى حسبته ... من الجثث الملقاة ملتهب الجمر
وشاب قذال الأفق من رهج الوغى ... وأقفر رحب البر من زمر البر
فلا الأرض بالأرض التي تعهدونها ... ولا البحر بحر المد والجزر بالبحر
تغير شكل الأرض في بعض حقبة ... وأسملت الأهلون للشر في شهر
وكنا نرجي السلم لولا مطامع ... من بعض أدت للضغينة والهجر
كوامن أحقاد أثيرت فهيجت ... نفوسا لتطلاب القديم من الثأر
فغودرت الأقطار بعد ازدهارها ... خرائب والبلدان أوحش من قفر
فيا أيها الحول الذي هل شهره ... يعلل منا النفس بالصفو والبشر
لعلك حول الحول والقوة التي ... تطأمن من كبر العتاة ذمي الكبر
تعزز مهضوماً وتجلي غضاضةً ... وتمحو عن الأقوام سطراً من الضر
تسكن روع الجائفين فيزدهى ... بك الوجل المذعور مبتهج الصدر
يحيى بك العلم الملم بأهله ... وأسفاره خوف المذلة والفقر