قل استعمال الألعاب الرياضية في هذه البلاد لأن الفقير لا يقدر فوائدها قدرها ويروض جسمه من حيث لا يشعر بأعماله اليدوية وحركاته اليومية أما الغني فيرى في الأكثر أن اللعب لترويض الجسم منقصة وسبة لا ينطبق مع الوقار والرزانة. ولما كان أجدادنا ينصرفون إلى الألعاب المختلفة آونات فراغهم كانت أجسامهم أصح وأمراضهم أقل. دام ذلك إلى عهد قريب وضعفت اللعاب الرياضية بيننا بضعف العلوم ويدلك على عناية قومنا بالرياضة قديماً أنهم أفردوها بالتأليف وعددوا ضروبها وأساليبها.
ولقد كان صلاح الدين الأيوبي ونور الدين زنكي إذا استراحا قليلاً من جهاد الصليبيين يصرفون شطراً من أوقاتهما في ركوب الجياد والسباق في سهل اللوان بظاهر دمشق ولا يريان ذلك نكيراً. ولما أنكر أحد علماء ذاك العصر على احدهما ما يأتيه من هذه المسليات المضيعة للأوقات قال له: إننا نستعين على تقوية أجسامنا لئلا نضعف عن النزال ومقارعة الأبطال. ولم يزل في بعض بلاد الشام أثر من آثار هذه الألعاب بين أبناء الطبقة المتوسطة والدنيا ومن أهمها ركوب الجياد للسباق والركض والوثب والسبحة ولعب العصا والصراع كما ترى منها بعض الشيء في هذا القطر.
بيد أن الغربيين سبقونا أشواطاً إلى كل محمدة ومن جملة ما يمتاز به خاصتهم وعامتهم عن خاصتنا وعامتنا الألعاب الرياضية يأتونها كأنها من الضروريات كالأكل والشرب والنوم حتى قال بعضهم أن على نسبة ارتقاء الألعاب الرياضية في أمة تقوي أجسامها وتطول أعمارها وتصح عقولها والعقل السليم في الجسم السليم. أدركوا أن غاية الحركات الطبيعية بث القوة في عامة الجسم لا جعلها قاصرة على بعض الأعضاء فانبساط القلب المفرط ينشأن من الإفراط في إنهاك أحد الأعصاب بالعمل وإفناء قوى بعض الحواس. فترى الجبار ممن اعتاد رفع الأثقال قوي العضلات ولكنه ضعيف الساقين إذا أريد على الجري انقطع نفسه وخانته رجلاه ولئن كانت أعضاؤه متينة فآلته التنفسية سيئة السير ولا يعالج هذا النقص إلا بتمرينات منظمة حتى أن المصارع نفسه ليحتاج إلى الرشاقة في حركاته إذا عرض له أوتوموبيل في سكته أو حريق في داره ليتأتى له أن يقفز ويصعد الدرج ويزحل على الحبل. أما عامة الناس فهم كلما استحكمت قوتهم وزادت خفة أجسامهم يستعدون لتسلق الجبال وحمل الأحمال والقفز والسباق. وهذا الميل إلى كل ضرب من