حدث في أوروبا منذ عام ١٨٢٥ بما تجدد في الحياة الاقتصادية من النواميس انقلاب هائل بفضل تمديد الأسلاك البرقية وتمهيد الطرق الحديدية وتكاثر الآلات الميكانيكية واستخدامها في العمليات أكثر من النظريات فقامت الصناعة والتجارة والطرق البحرية والسكك الحديدية والبواخر والمرافئ والترع والمعامل والمصنوعات والمستودعات بل وكل ما يدعى بلسان الاقتصاد الصناعات الكبرى وأخذت كلها تظهر على الولاء بظهور الأفكار والآثار. حدث هذا الانقلاب في ألمانيا بعد أن تأخر قليلاً أي بعد عام ١٨٤٠ قال هنري تريشك: كانت الانتخابات في ذلك الزمن والمناقشات في الأمور الإدارية مطمح أنظار الرجال وموضوع تأملهم حتى جفت الحياة العائلية أو كادت. . أما النساء فإنهن أخذن بالإشرئباب إلى الدخول في الأعمال التي كان قبض عليها الرجال إلى ذاك الحين وتتطاللن للتنقيب عن السبيل المؤدية بهن إلى مضارعتهم ضاربات صفحاً عن دعوى ما يحدث مما تصفن به من صفات الأنوثة وحدها فقط من التأثير في حياة المجتمع الإنساني وقد كانت أيقظت المطبوعات العامة والآداب في الخلق لذة العمل والهمة والثبات حتى إن ميزات ذلك الزمن العظيمة قد تمثلت في الأثاث والرياش.
وقع هذا الانقلاب في حياة الشعب العلمية والفكرية والصناعية أيضاً أيام كانت ألمانيا مدينة الفلسفة والأدبيات والعلوم التاريخية فقط ومكان لها بعض الصيت في فروع العلوم الطبيعية الأخرى.
فلم يمض على الألمانيين بعد أن وجهوا نحو هذه العلوم وجهة السعي والتفكير حقبة من الزمن حتى أخذوا منها السهم الأوفر فبزوا بها وبرزوا وأتيح لفريق منهم بعض ما هو جدير بالدهشة من المخترعات والمكتشفات: فما ظهر من مستحضر وأعني بذلك المكتشف المهم في تحولات المادة العضوية بدل نواميس الحياة وما وجده دود من ناموس سير الرياح في الفلسفة الطبيعية كان أساً لعلم الظواهر الجوية الجديد.
وتبدلت الفلسفة أيضاً تبدلاً كلبيراً فقد بدأت أولاً بتعديل نمظريات الفيلسوف هيكل بعض التعديل بإخراجها من دائرة الفلسفة المحضة على أيدي تلاميذه الأفاضل وتطبيقها على