الحياة العامة. وعلى أثر هذا أخذ ملشوت ينظر في قوى الدماغ وحركاته حتى وفق إلى تحليله تحليلاً كيماوياً وقام العالم كارل فوغت وأسس قبل داروين مذهب التحول ترانسفورميزم في كتابه أوقيانوس والبحر بينا كان داو سارتاوس يحدث ثورة هائلة بمصنفه حياة عيسى وتناول نظريات ديدرو وهلوشيوس المادية وانفرد ناظراً في الجزء الفرد والهيولى وأثار العالم فورباخ في ذاك الزمن عالم البابوية بمؤلفه المسمى حقيقة النصرانية.
هذه هي نسمات الأفكار التي كانت تهب في عامة أنحاء ألمانيا والآداب أول ما استهدفت لمؤثراتها فقد حل محل ذلك الجيل الخيالي جيل مفتتن بالحقائق غير المجردة مولع بالوقائع والحادثات الطبيعية وهو الجيل المادي الذي لا يعرف غير التحقيق مشرباً.
وإنك لترى حينئذ الأدبيات الخيالية أشيه بأُلهية بسيطة يما هي بها الفتيات وقد نضبت مياه الشعر المترقرقة وجف نبعه السيال.
أعظم أدباء هذا الدور غستاف فريتغ الذي كان نابغة في بث روح الحقيقة على ما هي عليه فيما كان يرويه عن سذاجة حياة الطبقة الوسطى من الناس في قصصه الهزلية ورواياته وكثيراً ما كان يكافح مذهب الخياليين.
ولقد هم فريتغ بالقضاء على هذا المذهب فقام وأسس في ليبسيك بمعونة صديقه جوليان أشميد مجلة تدعى: كرازتدن وكان صبغة هذه المجلة سياسية ونزعتها بروسية علناً.
دخل غستاف فريتغ عالم الكتابة عام ١٨٤٤ بمؤلفه القصصي المسمى العالم وهو عبارة عن سلسلة أبحاث في التربية العامة. وكان رجلاً من أقوياء الفكر وعباد الحقائق غيوراً ليس في نفسه أثر للرحمة في مقاومة ما بطل من الأفكار والخيالات وبه أصبحت بلدة ليبسيك مركزاً نارياً لإذاعة الدعوة البروسية ونشرها في الأنحاء فاجتمع حول مجلته عام ١٨٤٨ شرذمة من أولي الفضل الواسع ممن يحبون بروسيا وأوضاعها حباً جماً.
ومنهم فؤدالب وكاتوليك اللذان شهرا على مذهب الخياليين حرباً عواناً أدارت رحاها الأقلام وأزمعا كما قال أشميد أن يبترا تلك القطع الفاسدة من آداب الألمان وينبذاها نبذ النواة فكان يجدان في أن يكتب القول الفصل للسياسة البروسية في كل صقع آتيين على كل ما فيه أثر التصنع ومسحة التكلف والتعمل وغير ذلك مما كانا يعدانه من الآفات المجتاحة لعواطف