للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الأمة والتعليم]

نشر جبرائيل سيايل من علماء فرنسا كتاباً أسماه (التربية والثورة) تكلم فيه عن واجبات الحكومة نحو الرعية وواجبات الرعية نحو الحكومة ولاسيما عامة الشعب وسوادهم الأعظم وقع في ٢٥٠ صفحة وهاك تعريب ثلاثة فصول منه قال في حقوق الأمة في التعليم وهو مقدمة الكتاب:

من راقب الأمور بنظر الناقد البصير لا يلبث أن يسجل بأن الانطباع عَلَى الديمقراطية لا يتأتى إلا إذا كان له عون من الأفراد أنفسهم فالديمقراطية هي في الحقيقة تربية وتعليم لا خلقة وملكة أرثية ولا تنشأ العبودية إلا من ضاعة النفس، ولا يتمثل الظلم إلا من لؤم الطباع من يخنعون له ويتقبلونه بقبول حسن.

فينبغي الحالة هذه إبدال الأوضاع والقوانين. طرائق الاستملاك كما يقتضي قلب حالة الأفراد حتى إذا تم لهم ذلك لا يعتمون أن يقبلوا كيان المجتمع عَلَى صورتهم وأمثالهم. ولهذا اقتضى ألا تخضع الأمة خضوعاً أعمى فتكتفي بأن يكون لها رأي في انتخاب نوابها. بل كان عَلَى عامة أفرادها أن يكون لكل منهم وجدان وقوف عَلَى ما هم آخذون أنفسهم به من مؤازرة مجتمعهم وحكومتهم. وهكذا يتبدل الأشخاص إذا أبدلت الأشياء فيتعلمون بالتربية كيفية الوصول إلى معاملة حكوماتهم لهم بالعدل والقسط وينشأ لهم مجتمع مستل لا يكون الظلم حليفه ولا الإعنات رديفه.

إذا قلنا أن العليم حق للجميع وأنم عَلَى العارفين المتعلمين فروضاً عينية يقومون بها لنفع الجاهلين الأميين فلا ترانا أتينا بفكر خارق للعادة لم يعهد له نظير فقد اعتقد جميع العارفين والعلمين بأنه ينبغي تصفية ينابيع المعارف والعلوم ليتيسر أن يستقي من مرودها أفراد الأمة وتعد فوائدها هذا الحيوان الناطق.

ومن العبث أن نقول أن العلماء يعملون عَلَى بث فضل علومهم سعياً وراء أغراض لهم خاصة وإرضاءً لما في صدروهم من الأنانية وحب الذات وحرصاً عَلَى فائدة ينالها بعضهم أو لبلوغ مرقاة من مراقي الكمال تقتصر عنها يد المتناول وما عَلَى المدارس والكليات الجامعة إلا أن تأخذ بيد الأمة في هذا السبيل وتعرفها مصالحها وتعلمها ما يحفظ به كيانه.

وحري بنا أن ندعو إلى الأفكار التي تقل العناية بها لأنها تبدو في مظهر يفهم منه أنها طبيعية عامة لا تحتمل الجدال والقيل والقال وأن تتدبرها ليتجلى لنا معناها وأصلها لآنا