تضمنت صور الأقاليم ببلادها وأقطارها وسيفها وريفها وخلجانها وبحارها ومجاري مياهها ومواقع أنهارها وعامرها وغامرها. . . والطرقات. . . والأميال. . . والمسافات. . . والمشاهد. . . إلى أن قال أنه طلب تأليف كتاب مطابق لما في أشكالها وصورها غير أنه يزيد عليها بوصف أحوال البلاد والأرضين في خلقها وبقاعها وأماكنها وصورها وبحارها وجبالها وأنهارها ومواتها ومزدرعاتها وغلاتها، وأجناس بنائها وضواحيها والاستعلامات التي تستعمل بها والصناعات التي تتفق فيها والتجارات التي تجلب إليها وتحمل عنها والعجائب الذي تذكر عنها وتنسب إليها، وحيث هي من الأقاليم السبعة مع ذكر أحوال أهلها وهيئاتهم وخلقهم ومذاهبهم وزيهم وملابسهم ولغاتهم وأن يسمي هذا الكتاب بنزهة المشتاق في اختراق الآفاق، وكان ذلك في العشر الأول من ينير الموافق لشهر شوال الكائن في سنة ثمان وأربعون وخمسمائة فامتثل فيه الأمر وارتسم الرسم.
وعندما جاء ذكر جزيرة صقلية قال الإدريسي ما نصه:
إن جزيرة صقلية فريدة الزمان فضلاً ومحاسن ووحيدة البلدان طيباً ومساكن وقديماً دخلها المتجولون من سائر الأقطار والمترددون بين المدن والأمصار وكلهم أجمعوا عَلَى تفضيلها وشرف مقدارها، وأعجبوا بزاهر حسنها ونطقوا بفضائل ما بها وما جمعته من مفترق المحاسن وضمته من خيرات المواطن.
ثم تخلص إلى مدح رجار الأول بن تنقريد ثم عاد إلى مدح رجار الثاني. ثم عاد إلى الكلام عَلَى الجزيرة وقال:
(فأما صقلية لقدم ذكرها فأقدارها خطيرة، وأعمالها كبيرة، وبلدانها كثيرة، ومحاسنها جمة، ومناقبها ضخمة، فإن نحن حاولنا إحصاء فضائلها عدداً وذكرنا أحوالها بلداً بلدا، عز في ذلك المطلب، ضاق فيه المسلك، لكنا نورد منها جملاً يستدل بها ويحصل عَلَى الغرض المقصود منها إن شاء الله تعالى!).