تأسيس الحكم الإمبراطوري - لم يشأ ملوك البربر النازلين في الإمبراطورية الرومانية أن يأتوا عَلَى المعاهد الإمبراطورية فيبيدوها بل آثروا أن يخلفوا الأباطرة ويسنوا الشرائع ويصدروا الأحكام ويجبوا الضرائب وعلى الجملة أن يحكموا كما حكم الإمبراطور. هكذا كان شأن ملوك البورغوند والويزغوت والواندال في القرن الخامس لكن ملك الأوسترغوت في إيطاليا تيودوريك قد بلغ في احتذاء ذاك الماثل أرقى درجاته في القرن السادس فكزان له في فارون قصر بني عَلَى مثال قصر الإمبراطور مع وزيره وصاحب حاشيته ووكيل خرجه وأمناء ماله وكان له ولاة ومحافظون يجبون الضرائب أما الغوت فظلوا محاربين ومنهم يتألف الجيش تحت أوامر الدوقات والكونتية منهم. وفي ظل هذا الحكم كان الإيطاليون يعيشون بسلام كما كانوا عَلَى عهد الإمبراطورية فانشئوا يصلحون المجاري والحمامات ودور التمثيل بل شادوا أيضاً مصانع جيدة مثل قصر فارون ومسلة رافن وبدأ التمثيل يعود إلى ما كان عليه وتفتح مدارس البيان لقبول الطلاب وعلى ذلك العهد نبغ بويس آخر شعراء اللاتين القدماء (٤٧٠ - ٥٢٤) بيد أن الغوت لم يخضعوا زمناً طويلاً لهذا النظام فبعد موت تيودوريك كانت الملكة أمالازونت تربي أبنائها عَلَى يد أساتذة رومانيين فجاء رؤساء الجند يطلبون أن يربوا والطفل مع أترابه عَلَى الصيد وحمل السلاح عَلَى نحو ما تقتضي به العادة البربرية.
حكومة الميروفنجيين - كان ملوك الإفرنج في غاليا أكثر توحشاً من تيودوريك وحاولوا مع ذلك أن يحكموا البلاد عَلَى الطريقة الرومانية فمنح إمبراطور القسطنطينية لكلوفيس لقب قنصل وبطريق فظهر في مدينة تور لابساً رداء من الأرجوان وعلى رأسه التاج واقتسم أخلافه المملكة بينهم كما يقسم الملك ولكن كان لكل منهم قصره في البقة التي كان يحكم فيها كلوفيس فيجلس عَلَى عرض من ذهب يحف به رجال الدولة بألقابهم الرومانية من قومس (كونت) إلى صاحب الخاتم إلى الحاجب وكان لبعضهم شعراء في قصورهم مثل الشاعر فنانتيوس فورتوناتوس الذي جاء من إيطاليا ونظم إكراماً لزواج برونهوت أبياتاً