[مشاهد برلين]
وعلى ذكر البحث في الأخلاق والآداب اذكر أني كنت أتجول في بعض الغابات حول قرية عن برلين نحو ساعة في القطار (فيزدورف) فخطرت على قلبي الموازنة بين المعارف والأخلاق وبدا لي وقتئذ أن كفة الأخلاق الإنسانية نظراً إلى وزنها بترقياته العلمية لم تزل خفيفة فقلت تحت عنوان أيها الإنسان:
أما كفاك ظباء أو مهاً بربي ... حتى تقنصت آساد الشرى بزبي
وما اقتنعت بما يطفو على لجج ... فغصت تلقط دراً تحتها رسبا
ولمتقف عند تنسيقي المقال إلى ... أن ماج حسناً وصار الثغر والشنبا
فبعد الرسالة دهراً أقمت له ... وزناً - أكان حصاً ثم انثنى ذهباً؟
قلبت وجهك بعد الأرض في فلك ... فظلت ترصد منه السبعة الشهبا
أما تفقهت عنها في حقائق ما ... وراءها فنضحت الشك والريبا
سار اليراع رويداً فانتهضت لما ... يحدو الصحائف في شوط أو الكتبا
صغت الحديد مطايا إذ تلبثت ال - جياد أو لقيت في سيرها نصبا
وضاقي الأرض ذرعاً عن خطاك فما ... لبست أن سرت في جو مسير جدا
واشتقت لهجة ألف فاهتديت لأن ... تمتع السمع منها حيثما ذهبا
حكى الصدى صيحة زجت فجئت بما ... يحكي القصائد أنى شئت والخطبا
حب الحياة استثار منك إلى ... طب وحرب فكنت البرء والوصبا
فما الطبيب بمستشفاه أرغب في ال - بقاء ممن يلاقي البيض والشهبا
أرسلت في كل واد رائداً فدرى ... من حكمة البحث كنه البحث والسببا
لكنني ما دريت اليوم أنك قد ... أفرغت في نفسك الأخلاق الأدبا
كنت أسيح في تلك الغابات ترويحاً للخاطر وإيثاراً لها في بعض الأحيان على مشاهد الحضارة وزخارفها ولاسيما في أيام رمضان حتى قلت خلال السياحة في سياق الأعجاب بالبداوة والارتياح إلى بساطتها أبياتاً صورت فيها حالة راعي الغنم تحت عنوان (الملك الطبيعي) وهي:
تقلد الملك بين الضال والسلم ... وهب يفتح من غور إلى علم
فعرشه ربوة حاكت طنافسها ... أنأمل الغيث إذ جادت بمنسجم