أحد مشاهير كتاب الإنكليز وعلماء الأخلاق قاسى في طفوليته أنواع العذاب من سوء صحته وأصيب بالسويداء. ولد من أبوين فقيرين فتهيأ له رجل محسن علمه على نفقته في كلية اكسفورد لكن بشاعة صورته وفقره وسويداءه جلبت الشكوى منه فاضطر أن يترك دروسه قبل إتمامها وعاش زمناً في مكتبة والده وكان كتبياً ثم عين في إحدى المدارس الخاصة بوظيفة بسيطة وسنة ١٧٣٥ تزوج أيماً أكبر منه بعشرين سنة وكان يحبها على بشاعتها حباً لا يصدق. ففتح له معها مدرسة للشبان في ضواحي لينسفيلد بلده لكن قبح صورته وصورة زوجه كانت تخفيف الأطفال ووالديهم فلا يضعون أبناءهم في تلك المدرسة حتى أنه لم يكن عندهما غير ثلاثة أولاد فاضطر إلى ترك التعليم وجاء لندن يفتش على ما يقوم بأوده فاستخدم في إدارة إحدى المجلات الإنكليزية فكان يأتيها بأخبار مناقشات دار الندوة وفي غضون ذلك نشر تأليفاً له فنبه به قدره وشاع بين الكتاب والقراء ذكره وألف معجماً في ثماني سنين وهو أول معجم بالإنكليزية وكان في خلال تأليفه وضع بعض المصنفات فحازت استحسان بيرون وسكوت العالمين الكاتبين المشهورين وتأفقت شهرته بهذا المعجم كل التأفق على أنه لم يكن من قبل خاملاً بل صار بما صنف الكاتب غير مدافع، وحاول أن ينشئ مجلة إلا أنه لم يفلح فيها فسقطت ثم أنشأ أخرى فسقطت. وكان ينفق على الصدقات كل ما يحصله من المال القليل تقريباً حتى أنه آوى إليه ثلاث نساء عاجزات بعد وفاة والدته مع طبيب يطبهن.
وفي سنة ١٦٧٢ منحته الحكومة ثلاثمائة جنيه مساناة ابيضت بها لياليه السود واستعان بها على شقاء الأيام ولم يقبلها إلا بعد التردد وكافأ الحكومة عليها من باب مقابلة الجميل بمثله بأن كتب بضع كراريس في السياسة خدمها بها ولم يقل إلا ما ينطبق على آرائه فيها وكان أكبر همه تأسيس أندية (كلوب) تجمع كبار الرجال من ممثل إلى مؤرخ إلى خطيب إلى اقتصادي إلى مبشر وكان الملك يتطلب سماع حديثه وكذلك كانت طبقة الأشراف في الأمة الإنكليزية.