وصفنا في الجزء السالف المخطوط الأول الذي عثرنا عليه في فن الحسبة وما نحن أولاء نصف المخطوط الثاني. قال في مقدمته:
نحمد الله الحسيب الرقيب على نواله إيماناً واحتساباً والصلاة على رسوله محمد الحبيب النسيب وآله ما لا يحصى كتاباً ولا حساباً أما بعد فقد جمع عبده الغريق في بحر فضله الطامي عمر بن محمد بن عوض الشامي ألهمه الله تقواه فيما يكتسب ويجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب في تصنيف هذا الكتاب وهو نصاب الاحتساب مسائل اختصت بالنسبة إلى منصب الحسبة من كتب معتبرة بين الفقهاء معول عليها عند العلماء بعدما تحمل في جمعه نصباً وكمل في قيده نصباً وصرف إلى تنقيحه وتصحيحه مدة وتكلف في ترتيبه وتهذيبه شدة شديدة ليكون للمبتلى آية يعرف بها فيما يحتاج إليه غاية وهو مرتب على أبواب الأول في تفسير اللفظين المتداولين في هذا الكتاب أحدهما الاحتساب والثاني الحسبة فالاحتساب لغة يطلق على معنيين أحدهما من العد والحساب ذكر في المغرب احتسب بالشيء اعتد به وجعله في الحساب ومنه احتسب عند الله خيراً إذا قدمه ومعناه اعتده فيما يدخر عند الله وعليه حديث أبي بكر الصديق رضي اله تعالى عنه إني أحتسب خطاي هذه أي أعتدها في سبيل الله وقول النبي عليه السلام من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه أي صام وهو يؤمن بالله ورسوله ويعتقد صومه عند الله والثاني الإنكار على الشيء ذكر في الصحاح احتسبت عليه كذا إذا أنكرته عليه قاله ابن دريد والحسبة معنيين أيضاً أحدهما بمعنى الحساب مصدر كالعقدة والركعة والثاني التدبر يقال فلان حسن الحسبة في الأمر أي حسن التدبير له وفي الشرع هما الأمر بالمعروف إذا ظهر تركه والنهي عن المنكر إذا ظهر فعله في كتاب أحكام السلطان ووجه الاستعارة أما الاحتساب فلأنه إن كان من الاحتساب بالمعنى الأول وهو يتعدى بالباء فهو يحتسب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الله أجراً فكان من قبيل تخصيص العام وإن كان من قبيل الإنكار فهو من قبيل تسمية المسبب بالسبب لأن الإنكار على الغير سبب للأمر بإزالته وهو الاحتساب لأن المعروف إذا ترك فالآمر بإزالة تركه آمر بالمعروف والمنكر إذا فعل فالأمر بإزالته هو النهي عن المنكر.