تقدم أن اكتشافات المستر ونكلر في بوغاز كوي كانت ذات شأن سام لعلاقتها بالتاريخ القديم لشعوب البحر المتوسط وها نحن أولاء نشرح نظريتنا من هذه الوجهة المهمة ونبينها على قدر الطاقة.
لما كان من المسلم أن عاصمة مملكة الهيتيين ليست كما ظن حتى الآن جرابيس في شمال الفرات الأوسط بل هي بوغاز كوي من أعمال كابادوسيا لم يبق صعوبة في أن نقول بأن ملك الهيتيين امتد سلطانه إلى ليديا. وهذا التغلب على الساحل الآسياوي من بحر إيجي ظاهر في نفسه لا يحتاج إلى شرح بعد أن عرف بأن كابادوسيا كانت متاخمة لإقليم ميونيا أو تكاد. وإذ ضاق ذرع الهيتيين من اتصال اعتداء الفراعنة على أملاكهم الجنوبية أجمعوا أمرهم بينهم على إشهار الحرب على مصر وطرد الفراعنة منها وإذ لم يتأت كتم استعدادهم للغارة في وسط بلادهم فقد أصبح هجومهم على الفراعنة بحراً ضربة لازب ليحولوا دون اعتداء الفينيقين وهم تابعون لمصر لئلا يكونوا السبب في إخفاقهم في غزوتهم. فبدلاً من أن يستخدموا ثغر تارس مرفأهم الحربي العظيم لإرسال أسطول ضخم اختاروا ثغر أزمير وهي تقع في وسط خليج مشيعين بأنهم رأوا من الضرورة أن يهاجروا لأن السكان نمو كثيراً فضاقت بهم البلاد. ولئن لم يكتب لثغر تارس أن يجتمع المحاربون فيه فإن بحارته وربابنته وفيهم وحدهم كالهيبينيين الثقة التامة تولوا أمرة الأساطيل وإبحارها. ومن هنا جاء اسم تورسها الذي أطلقوه على غارتهم على مصر. ولا شك أنهم بعد انكسارهم قصدوا إيطاليا لاستيطانها مع بقائهم مرتبطين ارتباطاً محكماً ببلادهم الأصلية وذلك لأن دخول السادرسيين والسيكوليين بعد قرن في اتحاد شعوب البحر يحمل على هذا الظن.
وليس التناسب الظاهر بين رواية هيرودتس وآثار الكرنك المزبورة هو من فعل الاتفاق. فقد قال هيرودتس أن عهد أتيس أو الأتيين قد تقدم عهد أرغون مؤسسة الدولة الهيراكلية وفي ذلك مجال إلى القول بأن استيلاء الهيبتيين سبق استيلاء الآشوريين على آسيا الصغرة وأهم نقطة جوهرية في رواية هيرودتس المؤرخ اليوناني هي الصفات المميزة للعمل الذي قام به تورسنوس في توليه زعامة الأسطةل الذي أقلع من أزمير فقد ورد في نصوص