بورتوريكو هي الجزيرة الرابعة من جزائر الأرخبيل بمساحتها السطحية والأولى بكثرة السكان فإن فيها ٨٥ ساكناً في كل كيلو متر مربع على حين لا يبلغ معدل السكان في سائر جزائر الأرخبيل ١٨ نسمة في كل كيلو متر مربع وهذه الجزيرة من الخصب والأمراع بحيث يجود فيها السكر والتبغ والقهوة وتأتي بغلات وافرة. وهي على خلاف جزيرة كوبا التي لها طرق لا تسلكها الخطا ولا تهتدي إليها القطا. وتقفط بورتوريكو على قطري أسباب الحياة وهي أنموذجات الجزائر ومثال العمران في البلدان إذ لها كثير من الطرق المرصوفة الموصلة بين أمهات مدنها كما تجمع السلسلة فرائد العقد.
كل هذه الصفات في كوبا وما خصت به من المرافئ الأمينة اللائقة لإجراء التمرينات البحرية قد أهابت بمطامع الأمريكان أن يستولوا عليها ويطردوا منها الإسبانيين وحجتهم أن ثمانية أعشار مقايضات الجزيرة وتجارتها هي مع الولايات المتحدة. ولما غلبت إسبانيا سنة ١٨٩٨ كان من نتائج معاهدة باريس أن ضمنت للولايات المتحدة الأخذ بمخنق تلك الجزيرة الغناء ولم ينتطح عنزان في استيلائها عليها لأنه لم يكن في سكانها من يطالب بالحرية والاستقلال بل قد انصرفوا جملة إلى الأعمال الزراعية وتخلوا عما وراء ذلك من مطالب الحياة الاجتماعية فراحت الولايات المتحدة تنظمها بنظامها وتؤدبها بآدابها أكثر من تنظيم جزائر الفليبين حيث كان سكان هذه يقاومون لنيل الاستقلال النوعي فتحول هذه المطالبة دون إجراء ما تريد أميركا عمله في هذه الجزر. وظهرت في كوبا قوة أميركا الاستعمارية وإبداعها في طريقة الفتح والاغتناء وقد منحتها بعد شيئاً من الحكم حفظت فيه حقوقها فكانت كما قالت جريدة الطان الباريسية أشبه بأثينا أيام معاهدتها البحرية الأولى في القرن الخامس أو رومية بفتوحاتها - نواة من الحرية يحيط بها موكب من الرعايا والعبيد.
وسنة ١٩٠٣ ثار سكان برزخ بنما مطالبين بالاستقلال فإن الثلاث والخمسين ثورة وفتنة ومذبحة التي حدثت في البلاد منذ سبع وخمسين سنة كانت دون تلك الثورة بأهميتها في نظر العالم فساعدتها الولايات المتحدة في الانفصال عن كولومبيا. وقد عني رئيس الجمهورية بأمر هذا الاستقلال ليتسنى لأمته أن تشيد برزخاً يجمع بين البحرين المحيطين