للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ـ "هل يكتب لنا في المستقبل تأليف مثل هذه المجامع، فنعمل فرادى ومجتمعين كالغربيين، أم نظل كما نحن، لا نعمل فرادى، ولا مجتمعين؟ ". (١).

[أبو المجامع]

كانت رحلة باريس بداية إرهاصات موضوع تأسيس المجمع العلمي العربي في خاطر محمد كرد علي. الذي كان سبباً مهماً في أسباب بعث اليقظة العربية والتراث القومي بثوب لغوي متين وأصيل والعمل على اكتشاف كنوز اللغة العربية التي تكاد تختفي تحت غبار أربعة قرون هي مرحلة الحكم العثماني التي سيطرت فيه العجمة والجهل والجمود، حيث تكاثفت جهود رجال مرحلة التنوير العربي، لإعادة استخدام اللغة العربية في احتياجات الثقافة والعلوم والفنون، وهكذا أصبح مجمع اللغة العربية بدمشق فيما بعد واحداً من أهم معالم النهضة العلمية العربية في الوطن العربي، ولأنه أول مجمع علمي عربي فقد أطلق عليه "أبو المجامع" فبعد اندحار الحكم العثماني وقيام العهد الفيصلي الهاشمي وجد محمد كرد علي الفرصة سانحة لتحقيق الحلم الذي طالما راوده ألا وهو إنشاء مجمع علمي عربي، على غرار ما تفعله الأمم المتحضرة لحفظ تراثها وصون لغتها ونشر آدابها وعلومها.

وعرض الفكرة على الحاكم العسكري رضا باشا الركابي فوافق على قلب "ديوان المعارف" برئيسه وأعضائه مجمعاً علمياً، وكان كرد علي رئيساً لهذا الديوان، وقد تم ذلك في الثامن من حزيران عام تسعة عشر وتسعمائة وألف، وظل "الأستاذ الرئيس"، رئيساً للمجمع حتى رحيله.

مجمع للعرب جميعاً

وكان قيام هذا المجمع حدثاً علمياً أثار اهتماماً واسعاً في الوطن العربي بدليل أنه استقطب مجموعة من أبرز المفكرين والأدباء والمثقفين العرب وانضم إليه كأعضاء مراسلين: الراحلون عباس محمود العقاد، الدكتور طه حسين، الدكتور أحمد زكي، الشاعر، أمين نخلة، محمد الطاهر، فيليب حتي ـ بن عاشور.


(١) ـ المصدر السابق.