لم تزد الأيام والتجارب نذهب الحيويين الا تحقيقاً وثبوتاً. فبعد أن تقرر بانه إذا منع اختلاط الميكروب بالمواد الآلية المفعمة لن تحصل فيها ظواهر الحياة والاختمار حتى يرتفع الحجر عنها فيحدث الاختلاط عمداً كان ام سهواً كان الأولى والاجدر أن تتقرر هذه النتيجة بأن الميكروب لا يمكن تكونه من ذاته طرآيياً بل تتولد من آخر مشابه له جنسياً ولكن أهل الرأي الكيماوي اعترضوا بقولهم: إن جميع المواد القابلة للاختمار التي يعرضها المجربون للحرارة تتغير جوهرياً وتفقد الخميرة الكيماوية طبيعياً فيها فلم تعد تختمر. لأنهم يزعمون بأن الاختمار يحصل بواسطة خميرة كيماوية والحرارة تتلفها فيتعذر الاختمار. ومن ثم كانت تلك المواد عينها التي لم تعرض للحرارة تختمر لا محالة من دون الميكروب. وكذلك كان أصحاب أعراض التوليد الذاتي القائلون بأن الحرارة تغير المواد جوهرياً فيمتنع حصول الاختمار فيها وتولد الميكروب. هذا كان اصعب الاعتراضات حلاً لا جوهرياً لأنه دعا إلى ايجاد وسائط ومواد غير التي دارت عليها التجارب والأمتحانات ومن دون تعقيم بالحرارة.
ففتقت الحاجة للحيويين بان يعيدوا جميع التجارب ولكن على مواد عقيمة طبيعياً وذلك كالدم والحلييب والبول وعصير العنب الخ فإن هذه المواد السائلة إذا أخذت باحتراز ووضعت في الزجاجات ذوات الأنبوب المذكورة في الفصل السابق من دون أن يختلط بها او يلامسها الهواء الخارجي كانت تفي بالمقصود حق الايفاء. لان تلك المواد عرضت للتجربة ودامت في الزجاجات عقيمة لم يمسها الفساد. وبعضها لم يزل ولن يزال باقياً إلى ما شاء الله ذكراً انفيساً وشاهداً لتلك التجارب التي قطعت قول كل معترض معاند.
وجود الميكروب في الماء والهواء والتراب
أثبت الحيويون بان أنواع الميكروب موجودة ومنتشرة في المسكونة لأن المواد الصالحة للاختمار كلها تختمر لا محالة حيث وجدت إذا استوفت الشروط الملأزمة للحياة ولم تحجر عن الميكروب.
هذا دليل كاف وواضح على وجود الميكروب في كل مكان على سطح الأرض ومع ذلك