قصدي في تهيوء الخلوة بمدينة سلا منوه الصكوك مهنأ القرار متفقداًُ باللها والخلع مخول العقار موفور الحاشية مخلى بينه وبين إصلاح معادي إلى أن رد الله تعالى على السلطان أمير المؤمنين أبي عبد الله بن أمير المسلمين أبي الحجاج ملكه وصير إليه حقه فطالبني بوعد ضربته وعمل في القدوم عليه بولده أحكمته ولم يوسعني عذراً ولا فسيح في الترك مجالاً فقدمت عليه بولده وقد ساء بامساكه رهينة ضده ونغص رهينة الفتح بعده على حال من التقشف والزهد فيما بيده وعزف عن الطمع في ملكه وزهد في رفده حسبما قلت من بعض المقطوعات:
قالوا لخدمته دعاك محمد ... فإنفتها وزهدت في التنويه
فاجبتهم انا والمهيمن كاره ... في خدمة المولى محب فيه
لما عاهدت الله على ذلك وشرحت صدري للوفاء به وجنحت إلى الانفصال لبيت الله الحرام نشيده املي ومرمى نيتي وعملي فعلق بي وخرج لي عن الضرورة واراني أن مؤازرته ابر القرب وراكنني إلى عهد بخطه فسح لعامين امد الثواء واقتدى بشعيب صلوات الله عليه في طلب الزيادة على تلك النسبة واشهد من حضر من العلية ثم رمى إلى بعد ذلك بمقاليد رأيه وحكم عقلي في اختيارات عقله وغطى وصرف هواي في التحول ثانياً قصدي واعترف بقبول نصحي.
إلى أن قال ومع ذلك فلم اعدم الاستهداف للشرور والاستعراض للمحذور والنظر الشزر المنبعث من خزر العيون شمة من ابتلاه الله بسياسة الدهماء ورعاية سخطة ارزاق السماء وقتلة الأنبياء وعبده الاهواء ممن لا يجعل الله تعالى أرادة نافذة ولا مشيئة سابقة ولا يقبل معذرة ولا يحمل في الطلب ولا يبلبس مع الله بأدب.
هذا ما قاساه لسأن الدين من ضروب النعم والنقم فعد فرداً في التقلب في نعمائه وغريباً في بلواه وقد اكتفينا آنفاً بنقل ما قاله فيه ابن خلدون صديقه وماقاله هو في شرح نكبته أوردناه بعبارتهما الا قليلاً وإن اورث هذه الترجمة تطويلاً وذلك لعلمنا بان إنشاءهما مما ينبغي احتذاء مثاله وجزالة ألفاظهما وجودة معانيهما مما يعز نظيره.