للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[غرائب الغرب]

دار معونة العلماء

١٥

هي الدار التي أنشأتها الآنسة دوسن شقيقة العقيلة تير امرأة تير. وهو العالم المؤرخ أول رئيس للجمهورية الثالثة نفع هذا الرجل فرنسا بحياته فأحبت امرأته أن تخلد ذكره بعد مماته فأوصت بمال يصرف على تأسيس دار تؤوي خمسة عشر رجلاً من شبان العلماء يكفون فيها مؤونة الحياة المادية ويتفرغون للبحث والدرس ليكونوا صلة بين الكليات التي تخرجوا فيها والمجامع العلمية التي يراد إجلاسهم في قاعاتها. ماتت العقيلة تير على حين فجأة فنفذت وصيتها شقيقتها ووقفت مالاً بلغ ريعه مئة وخمسين ألف فرنك.

إن من يزور هذه الدار المباركة ويطلع على أعمالها ورجالها يوقن كل الإيقان بالمثل الإفرنجي القائل بأن (فرنسا تخترع وألمانيا تعمل) الفرنسيس يبتكرون في كل شيء وهذه الدار هي من مبتكراتهم وما أظن لها مثيلاً عند الألمان والانكليز والاميركان سادة العالم في العلم وقادة الإبداع والاختراع.

زرت هذه الدار مرتين وتشرفت بالتعرف بمديرها أحد كبار فلاسفة فرنسا وعلمائهم المعاصرين المسيو أميل بوترو ـ ومشاهير الفلاسفة المعاصرين من الفرنسيس اليوم هم بوترو وفوليه وريبو وبرجسون.

ولم أتمن في حياتي أن أكون فرنسوي الأصل والجنس إلا لما رأيت هذه الدار وعلمت أنها لا تقبل في حجرها إلا الفرنسويين. تمنيت أن أعيش فيها المدة المحددة لكل طالب أتفرغ لدرس أبحاث تجول في الصدر ويعوق الزمان والمكان الآن عن إتمامها.

هذه الدار سميت باسم تير والأولى أن تسمى دار معونة العلماء لأنها ليست مدرسة كالمدارس ولا كلية كالكليات ولا مدرسة دينية كالمدارس الدينية بل هي دار يقبل فيها كل سنة خمسة من شبان العلماء من نابغي الكليات يحملون شهادة (الليسانس) أو (الدكتورا) في الآدب أو العلوم أو ممن نالوا جائزة من جوائز المجمع العلمي في الأبحاث التي تجري فيها المسابقة بين أرباب الأفكار والأقلام تحت نظارة المجامع العلمية الخمسة في باريز فيقضون ثلاث سنين في هذا المعهد ينصرفون فيها إلى الفن الذي يريدون الاخصاءَ فيه