كتب العلامة رشيد الدين محمد بن محمد بن عبد الجليل العمري المشهور بالوطواط إلى الإمام سديد الدين بن نصر الحاتمي: طلبت مني زينك الله تعالى بأنوار المزايا وحماك من كل حادثة ملمة وكل طارقة مهمة ولا أخلاك من فخر تجتليه وجميل ذكر تكتسيه وجزيل أجر تحتسبه وأثر جهل تجتنبه أن أهدي إليك وأملي عليك ما قاله جار الله سقى الله ثراه في كتاب الكشاف في وجه انتصاب شهر رمضان وما قلته من الاعتراض على كلامه واستبعاد مدعاه عن مرامه مما جرى بيني وبين أعز أصحابه أفضل القضاة يعقوب الجندي من السؤال والجواب وها أنا مطبق فيما أقوله مفصل السداد والصواب وقد ذهب من عندي إلى جار الله وأخبره بما قلت فأنصف وأنصت وأبدى خضوعاً لاستماع الصدق وإتباع الحق وقال له: ذكرني هذا الأمر بعض أيام فراغي حتى أصلح من كتابي هذا الفصل وأغير هذا القول فإنه غلط شنيع وخطأ فظيع إلا أنه مرض في تلك المدة ونزلت به المنية وما حصلت تلك الأمنية وقد علم كل من شاهد أحوالي مع جار الله أني كنت عند معظم القدر مفخم الأمر مقبول الكلمات متبوع الإشارات لم يرمني كلمة في أي علم إلا قيدها ببنانه وضبطها في جنانه وأثبتها في دفاتره وأحكمها في خواطره وعدها غنيمة من غنائم عمره وتميمة من تمائم نحره وقد جرى بيني وبينه في حياته وأوقات راحاته مما يتعلق بفنون الأدب وأقسام علوم العرب مسائل أكثر من أن يحصى عددها أو يستقصى أمدها رجع فيها إلى كلامي ونزل على قضيتي وأحكامي فالسعيد من إذا سمع الحق سكتت شقاشق لجاجه وسكنت صواعق حجاجه فمنها مسألة الظبي التي هي جمع ظبة فإنه كتب بخطه أنها من ذوات الياء وأصلها ظبية فقلت أنا أنها من ذوات الواو وأصلها ظبوة فلما امتدت المناظرة واشتدت المذاكرة بعثت إليه كتاب الصحاح يصدق قولي فهجن الكتاب وقال أنه محشو بالتحريفات مشحون بالتصحيفات فبعثت إليه سر الصناعة لابن جني فقال هو رجل وأنا رجل فبعثت إليه كتاب العين فوضع للحق عنقه وسلك مناهج الإنصاف