للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جبل الدروز وفتنتهم]

إلى الجنوب من دمشق على نحو عشرين ميلاً منها كورة واسعة مخصبة اسمها حوران فيها نحو ستمائة قرية وفي شرقي تلك الكورة إقليم ممرع فيه السهل والجبل إلا أنه أطلق عليه اسم جبل حورانكما يقال له جبل الدروز الآن لأن معظم سكانه منهم وهو يمتد من شمالي حوران إلى جنوبيه ويحده من الشمال اللجاة وهي أرض بركانية ذات حرار وعرة للغاية ومن الشرق البادية ومن الجنوب قفر مترامي الأطراف يتصل بوادي الحجاز ومن الغرب الجنوبي النقرة والنقرة سهل جيد التربة في وسط حوران.

وطول هذا الجبل نحو ١٥ ساعة على راكب المطايا و٨ ساعات وهو من الجهة الجنوبية والجهة الغربية أي نحو ثلاثة أرباعه سهل خصيب تضاهي تربته تربة السهل من بلاد حوران وغوطة دمشق والبقاع العزيز وربما كانت أسحن منها وفيه ١٠٨ قرى يقدر نفوسها عل التخمين بخمسين ألف نسمة وربما استطاع حمل السلاح منهم نحو ثمانية آلاف ومنهم الذين يشنون الغارات ويقتلون الأبرياء ويسلبون المارة وإقليمهم هو الإقليم الوحيد في سورية بأسرها الذي أزمنت فيه الفوضى وأحب أهله على قربهم من الحواضر ووفرة غناهم بزراعتهم أن يعيشوا عيش السلب والنهب والقتل يؤذون من خالفهم من مجاوريهم ويطيلون أيدي اعتدائهم على أبناء السبيل ويناوئون الحكومة ويعصون قوانينها فلا يؤدون الضرائب الأميرية والخراج ولا يخدمون الجندية وإذا لم يجدوا من يقتلونه ويمثلون به يقتتلون بينهم كأنهم يتعبدون بإهلاك العباد والعيث بالفساد في البلاد.

وآخر عمل فظيع قاموا به أنهم غزوا جيرانهم من أهل قريتي معربة وغصم وسكانهما مسلمون مسيحيون فقتلوا ٥٩ رجلاً وجرحوا ثلاثة بين القتلى أربع نساء بينهن والدة الشيخ معربة وزوجته وأخته ونهبوا القسم الأعظم من السهوة وجيزة وسماقية وطيسة من بلا السهل فطفح كأس الصبر منهم ولم تر الدولة بداً من إرسال حملة عليهم تؤدب عصاتهم وتضرب على أيدي الفوضويين والعدميين نهم وتؤلف شاردهم وتؤمن خائفهم وتخضعهم للقوانين كسائر الأفراد العثمانيين.

ولعل كثيرين يتساءلون عن تاريخ عمران هذا الجبل ونزول الدروز فيه فالمعروف من حاله أنه كان في الدولة القديمة تابعاً لحوران تشهد بذلك الآثار القليلة الباقية إلى اليوم في بعض أمهات قراه مثل السويداء قاعدته القديمة وصرخد وقنوات فإن الكتابات اليونانية