أحدثت حماية الأولاد المهملين المتشردين والمجرمين عناية فائقة في جميع بلاد الغرب منذ ثلاثين سنة وكان السابق إلى الدعوة للنظر في هذا الأمر الخطير جول سيمون الفيلسوف الفرنسوي ثم تابعه كثير من أهل البحث والنظر والفلسفة وفي جملتهم الفيلسوف ريبو وقد ذهب الباحثون في ذلك مذهبين فمنهم من رأى أخذ الولد المجرم من أهله لئلا يؤثر فيه محيطهم وأن يسلم إلى أسرة شريفة تنظر في تربيته وتقدم عَلَى تهذيبه وقد نجحت هذه الطريقة كثيراً إلا أن بعض الباحثين في الجرائم يزعمون أنها لا ينتج نتيجة حسنة حقيقية في أحوال كثيرة من شأنها أن تحمل الولد عَلَى ارتكاب الجرائم منذ صغره لفساد طرأ عليه ومن رأيهم أن مدارس الإصلاح أو مستعمرات التوبة تنجح في تحسين حالة الأولاد الفاسدين ليس إلا وبهذا النظر أنشئت معاهد للأولاد فيلا البلاد الغربية مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإنكلترا وإيطاليا والمجر والبلجيك وهولاندة وسويسرا.
وأهم ما أنشئ من نوعها ما كان في سويسرا فإن أساسها النظام يعيش فيها الولد مطلقة حريتهم بدون أن يخضعوا لمراقبة الحراس عليهم ويعنى بهم عناية لا يشعرون بالثقل عليهم بها وهم محفوفون بكل ما يساعد عَلَى تربيتهم في محيط أدبي وإذا نظر إليهم المرء لأول وهلة يظنهم تلامذة داخليين متمتعين بحريتهم ولهم حرية تامة في أعمالهم يذهبون ويجيئون كما يشاؤن ويتكلمون كما يفكرون ويعملون بدون أن يستولي عليهم أدنى خوف من سلطة فوق رؤوسهم ولا يلاحظون أنهم مراقبون يعيشون كأنهم في عائلة متمتعين بحماية خالية من القسوة الظاهرة ومن مرض منهم يعنى بأمره عناية فائقة كأنهم بين أهلهم وذويهم وهكذا لا يزالون بهم حتى ينسوا أن ماضيهم كان سيئاً ويكفرون عما أقدمت أيديهم بتحسين الخلاق وتوسيع العقل وهذه الطريقة تعدهم للدخول ذات يوم في المجتمع الذي يتلقاهم كأنه نسي ما أتوا سابقاً.
وبعد ظهر كل أحد يعطون دروساً في التربية في صورة محاصرات تؤخذ موضوعاتها من تاريخ مدنيات الأمم. وتكون هذه المحاضرات بحسب سني الأولاد يلقيها معلمون أو معلمات وإذا شوهد أن أحد الأولاد لم ينجع فيه نصح القائمين عَلَى إصلاحه يعزل عن رفاقه بدون