تدبروا رعاكم الله فيما ترونه عن أيمانكم. وتبصروا فيما تبصرونه عن شمائلكم وتفكروا فيما بين أيديكم ثم خبروني ماذا تجدون؟
تجدون الشعور القومي قد تجسم معناه حتى كادت اليد تتقراه والعين تراه والإحساس لعمري دليل على الحياة.
ثم ثوبوا إلى أنفسكم وانظروا كيف كنا إلى عهد قريب متنافرين متفككين لا نستمسك بحبل متين من جهة الدنيا أو من جهة الدين حتى قال فينا فيلسوف المشرق: أننا اتفقنا على أن لا نتفق.
فاليوم أحمد الله إليكم يا بني مصر فقد أراد بكم الخير إذ وفقكم إلى سبيل الاتفاق.
اليوم بدأنا نطرح تلك الأهواء التي جعلتنا شيعاً متفرقة. أستغفر الله! بل جعلت كل فرد منا مستقلاً بنفسه منفصلاً عن سائر بني جنسه.
اليوم بدأنا نخالف ما ألفناه من تلك الاختلافات التي علمتنا أفانين العداوات وعبثت بكيان الأمة.
اليوم بدأ الأفراد يتضامنون بعضهم إلى بعض فتألفت منهم أفواج وجماعات بحسب المشار والأميال والغايات.
اليوم بدأت هذه الجماعات تتجاذب وترتبط بما فيه توثيق عرى الجامعة القومية وإظهار الأمة في مظهرها الصحيح.
اليوم أخذت تلك الجماعات في وضع الحجر الأول من هذا البنيان. بلي. فلأن اجتماعنا الآن دليل على أننا قد أدركنا أن التضامن رائد العمران.
أيما أمة تولد فيها الإحساس وسعى أفرادها إلى التضامن فبشرها بخير قريب وفلاح عاجل.
ولكن هنالك شرطاً لا مندوحة عنه: وهو أن يتعهد أهل الرأي فيها وأولو العزم منها هذا المظهر الجديد حتى لا يتغلب الشوك فيقتل النبت الصالح الذي يأتي بالثمر الشهي النافع.