معلوم أن اللغة التركية العثمانية اليوم مؤلفة من ثلاث لغات التركية الأصلية والعربية والفارسية وإن الألفاظ العربية في العهد الأخير كثرت فيها جداً حتى تكاد تجد في الصفحة الواحدة ثلاثة أرباعها من الألفاظ العربية وربما أكثر وقد شق هذا الأمر على إقدام إحدى جرائد الأستانة فقامت تطلب تصفية اللغة العثمانية من الألفاظ العربية وقد ردت الجرائد الأخرى على هذا الرأي ويفته وفي مقدمتها جريدة تصوير أفكار بقلم صاحبها أبي الضيا توفيق بك الكاتب المشهور فقال من مقالة له ما تعريبه: زعمتم أن يوسف الثاني ملك النمسا كان أخذ على نفسه نشر اللغة الألمانية بين المجر فانتبه المجريون لما يراد بلغتهم وأخذوا يطرحون منها الكلمات الزائدة من اللاتينية والألمانية فتم لهم أن يكونوا اليوم أمة وأن البلغار وإن كانوا في الأصل أتراكاً أبدلوا لما نزل قسم منهم أوروبا مذهبهم ولسانهم بالنصرانية والسلافية فغدوا ينظرون إلينا نظر الخصومة كأننا لسنا منهم وليسوا منا في شيء، ولكننا لو نظرنا إلى تاريخنا وكيف تألفت جنسيتنا لا نحتج بمثل هذه الحجج.
فإنا لقوم (الترك) قد دفعتنا أيدي بكواتنا وأمرائنا وكنا عبارة عن ألف أو ألفين من الرجال اضطرتنا غارات جنكيز إلى الرحيل عن أوطاننا فجئنا إلى القرب من هذه العاصمة ونزلنا قصبة سكود ومنذ ذاك العهد حتى أواخر سلطنة سليمان القانوني أيام بلغنا غاية الغايات في فتوحاتنا ووصلت قوتنا إلى أرقى مراقيها أخذنا ننتشر في قارات الدنيا الثلاث الكبرى فجمعنا تحت لواء حكومتنا نحو عشرين إلى ثلاثين جنساً ومثل هذا العدد من الأديان والمذاهب حتى لقد استولينا أيضاً على جزء من بلاد المجر المبحوث عنها آنفاً.
وإذ تعذر في العهد الأخير أن تتقدم سياسة التغلب إلى الأمام التي لم تكن مبنية على مقصد خاص على نحو ما كانت سياسة بطرس الأكبر امبراطور روسيا مثلاً ولما لم تكن سياستنا نتيجة فطنة وتأمل قائمة على أساس متين انحلت عرى هذه الأجناس المتحالفة التي لم يدرك بادئ بدءٍ أن الضرورة تدعو إلى توحيدها لأدنى خلل عرض لقوة الدولة.
ثم إن الرابطة التي تربطنا والشعوب الإسلامية ومن هم قوام روابطنا كالعرب والأكراد وبعض العشائر المغولية التي سقطت إلى هذه الأرجاء وتوطنت فيها ومن تركناهم ن أولاد