من مضحكات الوهراني مقامة في قصة عجوز تزوجت بإسكافي فجعلته بتعليمها فقيهاً وقالت له كن فقيهاً فكان. قال عيسى بن حماد فقلت للراوي مثلك من أفاد، وشفى بحديثه الفؤاد، فكيف تمشي حاله، وتغطي على الفقهاء محاله، فقال أعلم أنه لما أجمعت العجوز على تعليمه، ورده إلى المدرسة وتسليمه، تخوف من ذلك الأمر، وبات ليلته على الجمر، فلما أصبح قال لها: اعلمي يا هذه أني كنت في بلدي إسكافياً. . . فكيف لي بالمدارس، وأنا كالطلل الدارس، ومن أين لي بالتخبيز (كذا) وأنا مثل حما العزيز، والله ما أفرق بين الحروف، وقرن الخروف، فقالت أيا أعلمك العلم كله، إلا أقله، وأعلمك فصلاً في التدريس، تغلب به محمد بن إدريس، فقال لها يا هذه والله ما أرجو من المدرسة نفعاً، وإني أخاف أن يقتلوني صفعاً، فدعيني في. . . فقالت أريد إخراجك من المدابر، وأرفعك على رؤوس المنابر، فاحضر ذهنك، وافتح لهذا الدرس أذنك، والعم أن الألف قائم كالمعول، وهو كتاب المنزل، والباء كالصنارة، أو كرجل المنارة، والهاء كالثقالة، وفيها شيء كالعرقالة، والطاء كالخف، أو كطائرة الدف، وكل مدور ميم، وكل معوج جيم، والصاد تشبه نعالك، والذال تشبه قذالك، وأن القاف والكاف، يشبهان الاكاف، فاحفظ هذا الكلام، وقد أصبحت مفتي العراق والشام، واحذر اعتزالي، والعم أن بهذا الفصل تقدمة الغزالي.
فأقبل التيس يكرر لفظه، حتى أجاد حفظه، وعندها خرج في القمة والغمة (كذا) وعزم على مدرسة جمال الأئمة، فخرجت تبخره من العين، وتقرأ عليه المعوذتين، وقالت له إذا جلست فتربع، ولا تتقنع، وانشر أكمامك، واظهر للناس أعلامك، فإن الغريب ابن ثويبة، والمقيم ابن جديبة (؟) فقال لها: أوصيني يرحمك الله. فقالت له إذا حضرت فانفخ حضنك، وبطنك، وانفش بين الفقهاء ذقنك، وباكر المدرسة عند الصباح، وسابقهم في الرواح، وإن غلبوك في العلم فلا يغلبوك عند الصياح، فقال والك، أخاف أن افتل باللوالك ولكن أوصيني فقالت خذ اللفظ بأناملك بين شفتيك، وزاحم الفقهاء بمنكبيك، وازعق في وجه الشيخ ولا جناح عليك. قال فهاتي إذا شيئاً من قماشك، أرد به صفع الشماشك، فقالت اجسر على القوم، فما هو الأبياض اليوم، واعلم أن الفقه ليس هو إلا النفاق والزعاق، وتلويث وجه