للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصحافة العثمانية]

الصحافة أو فن الجرائد والمجلات هي عنوان ارتقاء الأمة المحسوس وكل أمة كانت صحافتها أوسع وأمتع يسوغ لك أن تحكم عليها بأنها أرفع وأمنع، فالجرائد الانكليزية مثلاً أوسع مادة وأبعد نظراً وأصدق أقوالاً من الافرنسية والإيطالية لأن الانكليز رجال الاتجار والاستعمار أعلى كعباً من الفرنسيس والطليان ودولتهم أرقى الدول.

وهكذا الحال في صحافة الأمة العثمانية المختلفة العناصر والأجناس وتاريخها يرد إلى سنة ١٢٧٦ هـ، ولعلنا لا نخطئ إذا قلنا أن الصحافة التركية أرقى من الصحافة العربية والرومية والأرمنية والبلغارية وبعبارة أخرى أن الصحف التركية أرقى من العربية إذ لا يجوز لنا أن نحكم على الصحافة الرومية والأرمنية والبلغارية ونحن لا نعرف لغاتها لنقرأها بها والحكم على الشيء فرع عن تصوره، أما التركية فلمعرفتنا بها يتيسر لنا الحكم على جرائدها وجرائدنا معاً كما نحكم على الصحف الافرنسية التي تصدر في بلادنا أيضاً.

كانت الجرائد العربية قبل الانقلاب الأخير عبارة عن الأعيب ورويات عن السياسات الخارجية محرفة وكان يحظر عليها خصوصاً في العشر السنين الأخيرة أن تبحث في موضوع اجتماعي إداري أو سياسي وطني فكانت موضوعاتها من ثم مسخاً أو سلخاً من جرائد أوروبا والأستانة في شؤون تافهة لا ترقي عقلاً ولا تلقن فضلاً.

ولما أنقذ الله البلاد من ظلم الاستبداد كانت صحافتها أول ما تحرر من أوضاعها مع صحافة العناصر الأخرى فداهمتها الحرية على حين غرة وأصبحت في حلّ من الخوض في كل موضوع وعندها ظهرت كفاءتها وصح لمن يريد التنظير بينها وبين الصحافة التركية أن يصدر حكمه عليهما.

لم يكن في سورية والعراق والجزيرة والحجاز واليمن وطرابلس الغرب غير بضع جرائد ومجلتين في مدينة بيروت ولبنان وواحدة في دمشق وأخرى في طرابلس الشام أما حلب والبصرة وبغداد واليمن والحجاز فكان يصدر في كل واحدة منها جريدة رسمية باسم ولايتها نصفها بالتركية والنصف الآخر بالعربية السقيمة وسائر قواعد البلاد خالية من الجرائد الرسمية وغير الرسمية لأن الجرائد كانت العدوة الكبرى للسلطان المخلوع فلم يكن يسمح بإصدارها إلا مضطراً أو بالاحتيال العظيم والبذل الكثير.

ولم تمض سنة على نشر القانون الأساسي حتى ظهرت بضع جرائد يومية جديدة في