إن هذه العلوم الجليلة - الرياضية - كان عني بها من سلفنا وأئمتنا من لا يزال اسمه كالبدر في السماوات وعمه وآثاره مرجعاً لحل العويصات مثل الحافظ بن حيان صاحب الصحيح وحجة الإسلام الغزالي وفخر الدين الرازي وولي الدين ابن خلدون والإمام ابن رشد وسيف الدين الآمدي والحرالي وابن عبد ربه وابن الصلاح وأبي الصلت الداني الأندلسي والرشيد بن الزبير الأسواني والمبشر بن فاتك الأموي والشيخ السويد والفخر الفارسي والقطب المصري والموفق عبد اللطيف البغدادي وابن البيطار وأفضل الدين الخونجي وشمس الدين الأصفهاني وابن النفيس والقطب الرازي والسيد الشريف الجرجاني وسعد الدين التفتازاني وبدر الدين ابن جماعة وقاضي القضاة الهروي وعلاء الدين البخاري وشهاب الدين ابن المجدي والتقي السبكي ومن لا يحصى من الأئمة كما تراه في طبقات الحكماء وفي حسن المحاضرة للسيوطي وسواهما من تواريخ الأعلام ووفيات الأعيان وكثر من كان فيهم من القضاة والحفاظ والرواة والمتكلمين والمفتين العدول الثقات ولو ضم إليهم غيرهم لبلغ مجلدات كل من عني بهذه العلوم - الرياضية - علم مسيس الحاجة إليها وأدرك موضع الكمال منها فراح بضرب منها بسهم ويخوض منها في بحر.
تخلل كتب الفقه ما لا يحصى من فروع هذه العلوم وكم توقف القضاء والافتاء في النوازل على الإلمام بهذه الفنون.
أليس تحرير سمت القبلة يتوقف على معرفة أصول فن الميقات وكذا تحرير أوقات الصلوات في البلاد على معرفة عروضها وأطوالها المقررة في علمها.
وكذلك حسم المنازعات في مساحة قطع الأرض أو مقادير السقيا من الأنهار أو الدمن يتوقف على فن الهندسة والمقاييس.
وهكذا التقاضي في وقف على بلد من بلاد دولة من الدول معينة ارتيب في كون تلك البلد من حوزتها أو حدودها يتوقف على علم الجغرافيا (تقويم البلدان) فمنه يعلم دخولها في شرط الواقف أو عدم دخولها.