للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الألمانية والإفرنسية]

شعر العامّة والخاصّة في العهد الأخير بالحاجة الشّديدة إلى معرفة اللغة الألمانيّة في هذه الدِّيار وفي غيرها من البلاد التي حالفت جرمانيا وكانت هذه الحرب التي أدهش فيها الألمان بعلومهم وتفنُّنهم في المسائل الحربية والاجتماعية والاقتصادية من أكبر الدواعي إلى ذلك وكان الخاصة من قبل يشعرون هذا الشُّعور ولكن قلَّة أطماع ألمانيا في امتلاك بلاد الشَّرق الأقرب لم يحملها كما حمل فرنسا منذ القديم على أن تبذل همَّتها لنشر لغتها فيه وتركت المسائل لطبيعتها خصوصاً ومن سياسة ألمانيا أن لا تميل إلى تجزئة قوتها فتفضِّل نشر علمها على قطعةٍ صغيرة وراء حدودها على أن تستعمر مملكةً واسعةً في إفريقية وآسيا كما هو حال فرنسا. وحال ألمانيا في نشر لغتها تبعاً لسياستها بالطَّبيعة.

ولم نفتأ بالمناسبات منذ خمس عشرة سنةً نشير على ناشئتنا بتلقُّف هذا اللسان ونحسن لأصحاب الشأن في الأمر ودعاة العلم الصحيح نشره في مصر والشّام خاصةً ولقد قلنا في رحلتناغرائب الغربالتي نُشِرت سنة١٣٢٧ - ١٩. ٩ ما نصُّه: إنَّ اقتصارنا نحن معشر العثمانيين والمصريين والسُّوريين خاصَّةً على اللغة ألفرنساوية في الأكثر هو من الاحتكار الضّارّ فيجب أن نعرف كلّنا أو بعضنا لغة أمَّةٍ كبرى تريد أن تحارب العالم حرباً اقتصادية حتى لا يكون مثلنا مثل لفرنسيس مع جيرانهم الألمان قبل حرب السَّبعين جهلوا ما لديهم نم ماديَّاتهم فخسروا في ماديّاتهم ومعنوياتهم.

نعم نتوفَّر على الأخذ من أوربا كل ما تمتاز به مملكة من ممالكها فنحول وجهتنا بعد الآن إلى جرمانيا نتعلَّم علومها واقتصادها ومتاجرها وبريَّتها ونأخذ من فرنسا الزراعة والحقوق وعن إنكلترا السِّياسة والعلوم البحريَّة وعن إيطاليا الصنائع النَّفيسة ونجعل للغة الألمانية والإيطاليَّة حظَّاً من عنايتنا حتَّى لا نكون حكرةً مضَّرةً لحكومةٍ خاصَّةٍ من حكومات الغرب فنحن كما نريد في السِّياسة أن نعامل الدُّول كلّها بوئام يجب أن نأخذ عن كلِّ دولةٍ راقيةٍ أحسن ما عندها حتى لا نكون من الجامدين على أمَّةٍ بعينها والجامدون في مسائل الِّين كالجامدين في مسائل الدُّنيا لا يخلو حالهم من ضرر على المجتمع

ولمّا رحلنا إلى الغرب في رحلتنا الثَّنية نبحث عن موادٍّ قديمةٍ وحديثةٍ لكتابنا خطط الشَّامالذي أخذناه منذ زمنٍ نعني بتأليفه اجتمعنا بالعلاّمة كويدي المستشرق الإيطالي فكان مما سألنا إياه فيما إذا كنّا نعرف اللغة الألمانيَّة فأسف كثيراً على هذا القصور وقال لنا لو