للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الكلية الصلاحية]

إن أمتنا الإسلامية العظيمة بعد أن سارت في ميدان الحضارة شوطا قصيا. وتبوأت من قصائد المجد مكانا عليا. سقطت عن تلك المنزلة. وفقدت ما كان لهامن العز والسطوة وليس العار في هذا السقوط ما دمنا نراه يكاد يكون ناموسا عاما في سائر الأمم ذات المجد القديم كالرومان واليونان. وإنما العار كل العار في إن تبقى الأمة الإسلامية وحدها ساقطة في حفرتها متمادية في غفلتها فلا تنهض وتنشط وترمم ما تداعى من بنيانها كما اخذ يفعل غيرها من الأمم القديمة. وقد قال بعض الحكماء: ليس الشرف في أن لا تقع بل الشرف انك إذا وقعت لا تلبث أن تنهض فلا يراك احد إلا واقفا ولما حصل الاحتكاك بين العالم الإسلامي والعالم المتمدن الغربي في وساط القرن الماضي أي بعد حرب القريم انتبه نفر من علماء الإسلام ورجاله العظام إلى حالة المسلمين وما هم عليه من الانحطاط والخمول. وجعلوا يقلبون وجوه الرأي في تشخيص مرضهم وماذا عساه يكون علاجه الناجع. وحكموا جميعا أن المسلمين إذا لم يعملوا حتى التخلص من هذا المرض بجد واهتمام قضى عليهم. واستاصل شأفتهم. وجعلهم طعمة لغيرهم. وكانوا يذكرون أسبابا جمة لهذا المرض. ولكنهم لم يكونوا يختلفون في إن معظما لسبب فيه يرجع إلى (عدم فهم الإسلام فهما صحيحا) أو (عدم العمل بقواعد الدين المبين) حتى أصبح هذا الدين كالعضو الأشل وأصبحت رجاله كأنهم لا وظيفة لهم في هذا الوجود. مع إن الإسلام وتعاليمه الطاهرة هي السبب في السعادتين الدنيوية والأخروية ورجال الدين يجب أن يكونوا هداة الأمة إلى مجامع مجدها. والممسكين بيدها في كل موطن من مواطن حياتها وكل شان من شؤون اجتماعها. من القران والحديث وأقوال السلف الصالح يستخرج منها الأحكام التي تقتضيها حالة العصر الحاضر غير رجال الدين؟ من لوضع التأليف في العلوم الإسلامية ونشر الرسائل في الموضوعات الأدبية والأخلاقية والحياة الإسلامية غير رجال الدين؟ من لمنابر الخطابة أيام الجمع يعظ ويرشد ويحذر ويبشر غير رجال الدين؟ من لمنصات الحكم في المحاكم الشرعية والحقوقية يقيم العدل ويصون المصالح غير رجال الدين؟ من للدفاع عن الحقوق العامة والخاصة على صفحات الجرائد وفي ساحات المحاكم غير رجال الدين؟ من للخطابة في النوادي والساحات العمومية ينشر الآداب والأخلاق والفضائل بين العامة غير رجال الدين؟ من لتعليم النشء الإسلامي وتربيته تربية دينية فاضلة واجتماعية صحيحة غير