وحدثني محمد بن داود عن نضير عن سنان عن جعفر قال: سمعت مالك بن دينار وسئل عن النبيذ فقال: انظر ثمن التمر من أين هو. أراد مالك أنه يجب على المستفتي عن النبيذ حلال أم حرام أن يتنزه عما لا اختلاف فيه من اكتساب الحرام الذي هو ثمن التمر ثم يسأل بعد ذلك عن النبيذ المختلف فيه. قالوا: فلو كان عند خمر ما توقف هذا التوقف. وقد يحتمل أن يكون أراد: إن كان ثمن التمر حلالاً كان النبيذ الذي اتخذ منه حلالاً وإن كان ثمن التمر حراماً كان النبيذ الذي اتخذ منه حراماً. فإن كان ذهب هذا المذهب فالخبز واللباس والإدام على هذا السبيل عنده تحل إن طابت المكسبة وتحرم إن خبثت. وعوتب شعيب بن يزيد في النبيذ فقال: أما أنا فلا أدعه حتى يكون شر عملي. يريد أنه قد يأتي ما هو شربه وأن الواجب على من أراد إصلاح نفسه والانتقال إلى طهارة التوبة أن يبدأ بالأخبث فالأخبث من عمله والأعظم فالأعظم من ذنوبه فينزع عنه فإما أن يدع التزوج بالأماء لما كره منه وهو يزني أو يترك الشرب في آنية الذهب لما نهي عنه من ذلك وهو يشرب الخمر في العساس فهذا من السخف وإفراط الجهل وقال أبو الغالية الرياحي اشرب النبيذ ولا تمزز والتمزز أن يشرب قليلاً قليلاً وهو مثل التمزز.
وأراد أبو الغالية أن يشربه دفعة واحدة للري ولا ينأقل الأقداح ويتابعها ليسكر وقيل لمحمد بن واسع: أتشرب النبيذ؟ قال نعم. قيل: وكيف تشربه؟ قال على غداي وعشاي وعند ظمائي. قيل فما تركت منه؟ قال التكاءة ومحادثة الرجال. قال المأمون اشرب النبيذ ما استبشعته فإذا سهل فاتركه. فأراد أنه يسهل على شاربه إذا أخذ في الأسكار. وقيل لسعيد بن سالم: أتشرب النبيذ؟ قال لا. وقيل لم: قال تركت كثيره لله وقليله للناس. حدثني محمد بن عبيد عن إبرأهيمبن أبي بكر بن عياش قال: صام عمي الحسن بن عياش خمسين حولاً متتابعة فكان لا يفطر في السنة إلا خمسة أيام كان أبي يصنع أيام التشريق طعاماً بكثرة وتجودة ويدعو الفقهاء ومشائخنا فيتغذون مع أبي ويسقيهم أو قال من أراد منهم النبيذ