فنلندا هي دوجيه كبرى من بلاد روسيا في أوربا بين الحدود النروجية من الشمال وفي الشمال الشرقي ولايات بطرسبرج واولونزا واركانجل الروسية وفي غربها بحر البلطيق مساحتها السطحية ٣٧٧٨٥٠ كيلو متراً وسكانها ٢٦٠٠٠٠٠ نسمة جاء في مجلة الحياة الباريزية أن قد كانت السويد (اسوج) مدة ستة قرون ونصف هي الحاكمة المتحكمة في الشعب الفنلاندي والقابضة على زمام تربيته التاريخية ونشر الاسوجيون بين الفنلنديين الدين المسيحي وحملوا إليهم المدنية الأوربية. ولقد اتحدت القبائل الفنلاندية على عهد الاسوجيين وألفوا امة آخذين القوانين والأوضاع الاجتماعية التي كانت للاسوجين الذين كانوا تحضروا قبل ذلك وأنشأوا مملكة ومزجوا ذلك بهم ومن حسن حظ الشعب الفنلاندي أن هذه الأوضاع التي نقلت من الخارج قد قامت كلها على حرية الفلاح وان حكومة الإقطاعات التي كانت قد انتشرت في شمال بلاد أوربا لم يكن لها تأثير في اسوج ذلك لأن الشعب الفنلاندي وان كان غلب على أمره بالسلاح قد توصل إلى أن يقبل نفس الحقوق السياسية التي كان يستمتع بها الاسوجيون ومنذ ذلك العهد سار الشعبان في رحلتهما التاريخية يتقاسمان البؤس والنعماء. ولئن كان المجد في الغالب من حظ الاسوجيين والألم من نصيب الفنلانديين فإن هؤلاء وجدوا في هذه السياسة منافع لهم لم يكونوا لينالوها بهذه الكثرة وفي مثل هذا الوقت القصير لو ظلوا على انفرادهم بيد أن هذا الشعب الفنلاندي الذي ظهر في ميدان التاريخ متأخراً قد بلغ بالتدريج مستوى بقية الشعوب المتمدنة فدب فيه دبيب الاستقلال وهو يرقى في سلم الاجتماع في الوقت الذي تنبه فيه فكر الوطنية وطلب حالة سياسية مستقلة وبذلك تهيأ الوقت للاستقلال عن أسواج إذ كان ذلك نتيجة لازمة للارتقاء الطبيعي الذي حازته فنلندا ولكن هذا الانفصال لم يكن نتيجة منافسة عدائية بل أن الرابطة الأخوية القديمة بين الشعبين قد انحلت فجأة بتقدير العزيز العليم تاركة وراءها تذكارات تظل عزيزة مقدسة عند الشعب الفنلندي.
كان الشعب الروسي أداة هذا الانفصال وبلغ الارتقاء العقلي في الفنلنديين في ذاك العصر إلى مستواه في المدينة الأوربية بحيث لم يلبثوا قليلاً حتى غدوا ولهم المقام المحمود بين أمم الشمال فقد استولت روسيا على فنلندا ثلاث مرات مدة قرن من الزمن وما برح فكر الوطنية في الشعب الفنلاندي يتطلب مستعدون كل ساعة للمفاداة بحياتهم وسعادتهم لإحراز