لم تكن الحال في حوران تستقر على ما يجب بعد أن أدبت الجملة العسكرية أشقياء الدروز في جبل حوران حتى أرادت الحكومة أن تحصي عدد سكان لواء الكرك كما أحصت عدد سكان لواء حوران فنشز السكان وانتقضوا على الحكومة وصادف أن قطعت مرتبات بدو بني صخر والخرشان وغيرهم ممن كانوا يتقاضون أنعاما من السلطنة منذ القديم لحراسة الطرق فتكونت هذه الأسباب وقام البدو الذين حرموا من رواتبهم وهي أربعة آلاف ليرة في السنة وسطوا على بعض المحطات من السكة الحديدية الحجازية واقعة على طولا زهاء مائتي كيلومتر في أراضي اللواء وخربوا بعض القضبان الحديدية ونهبوا أحد القطارات التي كانت قادمة من المدينة وسلبوا ما كان مع ركابها من مال ومتاع مما لا يقل ثمنه عم عشرين ألف ليرة وقتلوا وجرحوا بعض موظفي الخط الحديدي وكان ذلك على بضع ساعات من مركز لواء الكرك وقام الكركيون باديهم وحاضرهم وأطالوا يد الاعتداء على التجار والموظفين والحامية ولو لم يلجأ الموظفون إلى قلعة الكرك الحصينة وبقوا فيها عشرة أيام ريثما وافاهم المدد لقضت الثورة عليهم ولا يعلم إلى الآن عدد من هلك في الفتنة من التجار والضباط والموظفين والجند ممكن كانوا يتجولون في الأرباض لإتمام أعمالهم وقد حرقت نيران الفتنة الأماكن الأميرية كلها ونهبت نقود الخزينة ونقود إدارة حصر الدخان ونهبت دور الموظفين واحرق قسم منها وخرب قسم عظيم من المدينة بإطلاق القلعة المدافع عليها وقطع العصاة الأسلاك البرقية وهاموا على وجوههم في البراري والجنود بتأثرونهم الآن في السهل والوعر.
وقد نوى أهالي الطفيلة وأهالي معان القيام بمثل هذه الفظائع في الوقت الذي قام فيه الكركيون بثورتهم ولم يؤثر عنهم شيء مضر.
وإذا كان النزاع الآن قائما في ذلك الصقع بين الحكومة والسكان وبعبارة أخرى بين المدينة والهمجية رأينا أن نلم بعمرانه وتاريخه وجغرافيته واقتصاده واستعداده للارتقاء فنقول نقلا عن مصادر عربية وإفرنجية وتركية كثيرة: يمتد هذا اللواء من وراء قصر الزرقاء في الحد الجنوبيّ من لواء حوران إلى مدائن صالح جنوبا وهي مسافة يقطعها راكب المطايا في العادة في نحو خمسة عشر يوماً أما عرضه فمن الغرب نهر الأردن (الشريعة) وبحيرة لوط (البحيرة المنتنة أو البحر الميت) ووادي العاربة والوجه والعقبة الفاصلة بينه وبين