لا ترقب النجم في أمر تحاوله ... فالله يفعل لا جدي ولا حمل
مع السعادة ما للنجم من أثر ... ولا يضرك مريخ ولا زحل
(البهاء زهير).
إنّ الأوهام والخرافات في الظواهر الجوية قديمة في العمران تترامى إلى العصور الأولى وأهم مسبباتها عبادة الأجرام ألفلكية وحب استكشاف المغيبات ومعرفة المستقبل والاستعداد والاستشقاء ولاسيما في الأقاليم الشرقية التي يصفوجوها في معظم أيام السنة وتتجلى فيها الظواهر الجوية بأبهى أشكالها فنزعت نفوس سكانها منذ فطرتهم إلى استطلاع المؤثرات واستنطاق النيرات والكواكب التي رأوها من مقومات الحياة الأولية. فكان تلون أشكالها واختلاف مظاهرها وتبدل مواقعها وتغير ألوانها وما شاكل داعياً إلى عبادتها ثم استرشادها لما في نفوس تلك العصور من البساطة وهم في مهد الحضارة وفي سرير النشأة فاشتهر بذلك المصريون والفينيقيون والكلدانيون والآشوريون والبابليون والفرس واليونان والرومان إلى أن دالت دولتهم وقامت دولة العرب ثم الدول التي تلتها فظلت الاعتقادات الوهمية سائدة بينهم إلى مدة قرنين، ولذلك كثر الاشتغال خاصة عند القدماء بعلوم التنجيم كالكهانة والقيافة والعيافة والزجر والخط في الرمال وتعبير الرؤيا. ووضعوا أقاصيص للمعبودات والكواكب فوجد عندهم علم الذي كثرت فيه تجرصات الأوهام وتفشت الخرافات والأقاصيص.
ومنه نشأت العلوم التنجيمية والسحرية بأنواعها وامتلأت كتب القدماء بأخبارهم وأحاديثهم القصصية في العصر الخرافي فألفت فيها الكتب الكثيرة من أهمها السندهند عند الهنود، وقد أمر الخليفة أبوجعفر المنصور بتعريبه فعربه الفزاري وقرب الخلفاء المنجمين واعتمدوا على أوهامهم فتفشى ذلك بينهم حتى لم يستطع اقتلاعه علماء الشّرع الصادعون بتخطئته. ونبغ من الغرب الخوارزمي فألف على مثال السندهند زبجه المشهو ر جامعاً فيه بين مذاهب ألفرس والهند والروم وهو جداول حركات الكواكب التي ترشد إلى التقويم والتوقيت. ثم اشتهر بعد ذلك أبومعشر البلخي ألفلكي فألف كتابه المملوء بالخرافات