كتب بعضهم مقالة في جريدة التيمس أيد فيها قول من قال أن عمرو بن العاص أحرق تلك المكتبة بأمر الخليفة عمر بن الخطاب معتمداً على ما قاله جرجي أفندي زيدان في كتابه تاريخ مصر الحديث فرد عليه المستر بطلر مؤلف كتاب (الفتح العربي لمصر) داحضاً تلك التهمة. وقد نشرت التيمس رده في عدد ٢٥ حزيران الماضي قال: غريب أن يتحدث الناس من جديد بحرق عمرو بن العاص لمكتبة الإسكندرية وأن ينشر مثل ذلك في جريدة كبيرة الشأن كجريدة التيمس وعندي أنه لا يمكن أن يكون الكاتب قد بحث في المسألة من وجهيها العلمي والتاريخي فانه لو فعل لعرف أن الحجج التي يحسبها براهين جديدة على صحة قوله ليست بجديدة ولا يركن إليها في بحث هذه المسألة.
وقد عقدت في كتابي (الفتح العربي لمصر) فصلاً طويلاً على هذا المبحث وأظهرت فيه بالأدلة البينة ما يأتي:
١ - إن قصة حرق مكتبة الإسكندرية نشرت في الكتب الأوربية بعد الفتح العربي بخمسمائة سنة وناشروها هم عبد اللطيف وجمال الدين وأبو الفدا والمقريزي. ولا شك أن أبا الفرج اقتبس روايته عن عبد اللطيف. وليست هذه الحقيقة اكتشافاً جديداً بل هي أمر قديم معروف.
٢ - إن تعليل الحادثة يخرجها عن الجد والصحة.
٣ - إن بطل الحادثة هو يوحنا فيليونوس وهذا مات قبل الفتح العربي بكثير من السنين.
٤ - كان في الإسكندرية مكتبتان مهمتان إحداهما مكتبة التحف والثانية مكتبة السيرابيوم. ولا بد أن تكون الرواية تشير إلى إحداهما: فالأولى أتلفت في الحريق الذي أحدثه يوليوس قيصر قبل الفتح العربي بأربع مئة سنة. وأما الثانية فيظهر من التاريخ أنها إما قد تكون نقلت قبل سنة ٣١٩ قبل المسيح وأتلفت وخربت في ذلك التاريخ. وعليه لم يكن في الإسكندرية مكتبة في سنة ٦٤٢ بعد المسيح ولم يوجد ذكر للمكتبة في كتب القرن الخامس والسادس والسابع مطلقاً.
٥ - لو كانت المكتبة موجودة في زمن الفتح العربي لكان نقلها بسهولة ممكناً في مدة الهدنة