خلق الله النور ثم الجلد ثم النبات والأشجار والأعشاب والمياه. ثم الشمس والقمر والكواكب ثم الأسماك والطيور ثم الدبابات والبهائم ثم الإنسان.
لا يعلم العلماء مقدار المدة التي كانت بين خلق النور وبين الجلد وبين سائر المخلوقات المتقدم ذكرها. فقد يمكن أن المراد في الأيام التي ذكرها موسى أول مؤرخ ظهر على وجه الأرض عصر أو مدة طويلة. فإنه لا يوجد كلمات في اللغة العبرانية التي كتب فيها موسى تاريخه أو الأسفار الخمسة في التوراة تدل كل منها على يوم ومدة وعصر على حدتها. ولقد دل كل من علم طبقات الأرض وعلم الفلك على أن المراد بتلك الأعصر ألوف عديدة من الأعوام.
بيد أن قسماً كبيراً من البشر يعلم حق العلم بأن الله جل جلاله سلط الإنسان على الكائنات وعلى هذه الطبيعة العجيبة أو أنه أقامه سيداً على كل ما نراه أمامنا ووراءنا وفوقنا وتحتنا وحولنا من جمال هذا الكيان وبدائع هذه الخليقة التي حار في فهم أسرارها القدماء والمحدثون.
آدم جد الأسرة البشرية كلمة عبرانية معناها التراب الأحمر. وحواء جدة الجنس البشري كلمة معناها أم كل حي. ولقد دلت الآثار القديمة في جميع قارات العالم - في آسيا وفي إفريقية وفي أوربا وفي أميركا على خلق آدم وحواء. فوجدت صور منقوشة على الصخور تدل على رجل وامرأة وبيد هذه ثمر.
أما موقع الفردوس الأرضي الذي وجد فيه الأبوان الأولان فقد اختلف فيه الأثريون ورجال البحث. فقال فريق أنه كان في ما بين النهرين أو في أرمينية بدليل ذكر موسى الكليم للنهرين دجلة والفرات. وقال آخر أنه كان في بابل أو في بلاد الكلدانيين.
كانت كل أمة في هذا الوجود تنسب خلق الأبوين الأولين إلى وطنها أو بلادها فجاء العلم يفسد هذه الدعوى حتى صار من المرجح في هذا العصر أن خلق آدم وحواء كان في جهات أرمينية أو فيما بين النهرين.
على أن هذا الاختلاف في هذه المسائل التاريخية والمشاكل العلمية لم يكن باعثاً على الاختلاف في أن الأبوين الأولين قد سقطا حسب مذهب أهل الإيمان وأن الله طردهما من جنة عدن وأنه قال لهما: بعرق وجهكما تأكلان خبزكما.